للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْجَوَابُ: الَّذِي اخْتَارَهُ ابن الجزري فِي النَّشْرِ أَنَّهُ إِنْ كَانَتْ إِحْدَى الْقِرَاءَتَيْنِ مُتَرَتِّبَةً عَلَى الْأُخْرَى مُنِعَ التَّلْفِيقُ مَنْعَ تَحْرِيمٍ كَمَنْ يَقْرَأُ {فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ} [البقرة: ٣٧] بِرَفْعِهِمَا أَوْ بِنَصْبِهِمَا، وَنَحْوُ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَجُوزُ فِي الْعَرَبِيَّةِ وَاللُّغَةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فُرِّقَ فِيهِ بَيْنَ مَقَامِ الرِّوَايَةِ وَغَيْرِهَا، فَيَحْرُمُ فِي الْأَوَّلِ ; لِأَنَّهُ كَذِبٌ فِي الرِّوَايَةِ وَتَخْلِيطٌ، وَيَجُوزُ فِي التِّلَاوَةِ، هَذَا خُلَاصَةُ مَا قَالَهُ ابن الجزري، وَذَكَرَ ابن الصلاح والنووي أَنَّ التَّالِيَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَسْتَمِرَّ عَلَى قِرَاءَةٍ وَاحِدَةٍ مَا دَامَ الْكَلَامُ مُرْتَبِطًا، فَإِذَا انْقَضَى ارْتِبَاطُهُ فَلَهُ أَنْ يَقْرَأَ بِقِرَاءَةٍ أُخْرَى، وَهَذَا الْإِطْلَاقُ مَحْمُولٌ عَلَى التَّفْصِيلِ الَّذِي ذَكَرَهُ ابن الجزري، وَأَمَّا قَوْلُهُمْ: الْقِرَاءَةُ سُنَّةٌ مُتَّبَعَةٌ فَهَذَا أَثَرٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَخْرَجَهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ فِي سُنَنِهِ، وَغَيْرُهُ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ: أَرَادَ أَنَّ اتِّبَاعَ مَنْ قَبْلَنَا فِي الْحُرُوفِ سُنَّةٌ، وَلَا تَجُوزُ مُخَالَفَةُ الْمُصْحَفِ الَّذِي هُوَ إِمَامٌ وَلَا هِيَ مَشْهُورَةٌ، وَإِنْ كَانَ غَيْرُ ذَلِكَ سَائِغًا فِي اللُّغَةِ. انْتَهَى.

مَسْأَلَةٌ: الْحَدِيثُ الَّذِي رَوَاهُ أبو داود فِي سُنَنِهِ «عَنِ الشريد بن سويد قَالَ: رَآنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا جَالِسٌ هَكَذَا، وَقَدِ اتَّكَأْتُ عَلَى إِلْيَةِ يَدِي الْيُسْرَى، وَوَضَعْتُهَا خَلْفَ ظَهْرِي، فَقَالَ: " أَتَقْعُدُ قَعْدَةَ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ» " مَنْ هُمُ الْمَغْضُوبُ عَلَيْهِمْ؟ هَلْ هُمُ الْمَذْكُورُونَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ} [الفاتحة: ٧] .

الْجَوَابُ: نَعَمْ، الْمُرَادُ بِالْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ فِي الْحَدِيثِ الْمَذْكُورُونَ فِي سُورَةِ الْفَاتِحَةِ وَهُمُ الْيَهُودُ، وَقَدْ أَوْرَدَهُ النووي فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ مُسْتَدِلًّا بِهِ عَلَى كَرَاهَةِ هَذِهِ الْقِعْدَةِ لِفِعْلِ الْيَهُودِ لَهَا، وَأَوْرَدَ بَعْدَهُ حَدِيثَ الْبُخَارِيِّ عَنْ عائشة أَنَّهَا كَانَتْ تَكْرَهُ أَنْ يَجْعَلَ الرَّجُلُ يَدَهُ فِي خَاصِرَتِهِ، وَتَقُولُ: إِنَّ الْيَهُودَ تَفْعَلُهُ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْمَقْصُودَ كَرَاهَةُ التَّشَبُّهِ بِالْيَهُودِ فِي كَيْفِيَّةِ قُعُودِهِمْ.

مَسْأَلَةٌ: فِي قَوْلِ الْإِمَامِ الْبَيْضَاوِيِّ فِي إِعْرَابِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ} [البقرة: ٢٥٧] يَصِحُّ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةً، وَيَصِحُّ أَنْ تَكُونَ حَالًا مِنَ الْمُسْتَكِنِّ فِي (وَلِيُّ) أَوْ مِنَ الْمَوْصُولِ أَوْ مِنْهُمَا، بَيِّنَ لَنَا كَيْفَ صِيغَةُ الْحَالِ عَلَى كُلٍّ؟

<<  <  ج: ص:  >  >>