للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التَّعْلِيلُ مِنْ زَوَائِدِهِ عَلَى الْكَشَّافِ أَخَذَهُ مِنْ أَمَالِي ابن الحاجب، وَقَوْلُ الْقَاضِي: وَاسْتِثْنَاءُ اعْتِرَاضِهَا دُونَهُ لَا يُنَاسِبُ النَّهْيَ. هَذَا التَّعْلِيلُ هُوَ الْمَذْكُورُ فِي الْكَشَّافِ: وَعِبَارَتُهُ: لَا بِقَوْلِهِ إِنِّي فَاعِلٌ ; لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ: إِنِّي فَاعِلٌ كَذَا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ كَانَ مَعْنَاهُ إِلَّا أَنْ تَعْتَرِضَ مَشِيئَةُ اللَّهِ دُونَ فِعْلِهِ، وَذَلِكَ مَا لَا مَدْخَلَ فِيهِ لِلنَّهْيِ انْتَهَى.

وَالْحَاصِلُ: أَنَّ الْقَاضِيَ عَلَّلَ إِبْطَالَ تَعَلُّقِهِ بِقَوْلِهِ: إِنِّي فَاعِلٌ بِأَمْرَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى النَّهْيِ عَنْ أَنْ يَقُولَ: إِنِّي فَاعِلٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، وَذَلِكَ فَاسِدٌ، وَالثَّانِي أَنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى أَنَّ الْمَعْنَى: إِنِّي فَاعِلٌ إِلَّا أَنْ تَعْتَرِضَ الْمَشِيئَةُ دُونَ الْفِعْلِ، وَهَذَا الْقَدْرُ وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا فِي نَفْسِهِ إِلَّا أَنَّهُ لَا مَدْخَلَ لِلنَّهْيِ فِيهِ فَلَا يَلْتَئِمُ مَعَهُ قَوْلُهُ: وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ فَبَطَلَ تَعْلِيقُ الِاسْتِثْنَاءِ بِقَوْلِهِ: إِنِّي فَاعِلٌ وَتَعَيَّنَ تَعْلِيقُهُ بِالنَّهْيِ، وَالْأَوَّلُ مِنَ الْأَمْرَيْنِ ذَكَرَهُ ابن الحاجب وَلَمْ يَذْكُرْهُ صَاحِبُ الْكَشَّافِ فَجَمَعَ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا كَعَادَتِهِ فِي الْجَمْعِ وَالْإِيجَازِ.

[سُورَةُ طه]

مَسْأَلَةٌ: مَا مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا - وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} [طه: ١٢٤] .

الْجَوَابُ: لَيْسَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي الْمُسْلِمِ الَّذِي حَفِظَ الْقُرْآنَ ثُمَّ نَسِيَهُ بَلْ فِي الْكَافِرِ، وَمَعْنَى نِسْيَانِهِ تَرْكُهُ الْإِيمَانَ بِهِ، وَالْإِعْرَاضُ عَنْهُ، فَيُحْشَرُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا} [الإسراء: ٩٧] وَلَا يُظَنُّ مِنْ ذَلِكَ سُهُولَةُ نِسْيَانِ الْقُرْآنِ، فَقَدْ وَرَدَ الْوَعِيدُ عَلَيْهِ فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «مَنْ حَفِظَ الْقُرْآنَ ثُمَّ نَسِيَهُ لَقِيَ اللَّهَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَجْذَمَ» " رَوَاهُ أبو داود.

[سُورَةُ الْفُرْقَانِ]

مَسْأَلَةٌ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَعَادًا وَثَمُودَ} [الفرقان: ٣٨] لِمَ صُرِفَتْ ثَمُودُ وَفِيهَا عِلَّتَانِ مَانِعَتَانِ مِنَ الصَّرْفِ الْعُجْمَةُ وَالْعَلَمِيَّةُ؟

الْجَوَابُ: لَيْسَ فِي ثَمُودَ عُجْمَةٌ، بَلْ هُوَ اسْمٌ عَرَبِيٌّ نَصَّ عَلَيْهِ أَئِمَّةُ اللُّغَةِ مِنْهُمُ الجوهري فِي صِحَاحِهِ، وَكَذَا نَصَّ أَهْلُ التَّارِيخِ قَاطِبَةً عَلَى أَنَّ قَبِيلَةَ ثَمُودَ مِنَ الْعَرَبِ لَا

<<  <  ج: ص:  >  >>