للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَرَّتَيْنِ عَنْ غَيْبَةِ الطَّالِبِ عَنِ الدَّرْسِ هَلْ يَسْتَحِقُّ الْمَعْلُومَ أَوْ يُعْطَى بِقِسْطِ مَا حَضَرَ؟ فَقَالَ: إِنْ كَانَ الطَّالِبُ فِي حَالِ انْقِطَاعِهِ يَشْتَغِلُ بِالْعِلْمِ اسْتَحَقَّ وَإِلَّا فَلَا، وَلَوْ حَضَرَ وَلَمْ يَكُنْ بِصَدَدِ الِاشْتِغَالِ لَمْ يَسْتَحِقَّ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ نَفْعُهُ بِالْعِلْمِ لَا مُجَرَّدُ حُضُورِهِ، وَكَانَ يَذْهَبُ إِلَى أَنَّ ذَلِكَ مِنْ بَابِ الْأَرْصَادِ انْتَهَى.

وَمِنْ صُوَرِ ذَلِكَ مَا يُشْتَرَى مِنْ أَرَاضِي بَيْتِ الْمَالِ بِالْحِيلَةِ مِنْ غَيْرِ بَذْلِ ثَمَنٍ مُعْتَبَرٍ، فَحُكْمُهُ حُكْمُ مَا وَقَفَهُ السُّلْطَانُ مِنْ أَرَاضِي بَيْتِ الْمَالِ، وَقَدْ أَرَادَ برقوق فِي سَنَةِ نَيِّفٍ وَثَمَانِينَ وَسَبْعِمِائَةٍ إِبْطَالَ جَمِيعِ الْأَوْقَافِ وَرَدَّهَا إِلَى بَيْتِ الْمَالِ بِهَذِهِ الْحُجَّةِ، وَعَقَدَ لِذَلِكَ مَجْلِسًا حَضَرَهُ عُلَمَاءُ عَصْرِهِ فَقَالَ الشَّيْخُ سراج الدين البلقيني: أَمَّا مَا وُقِفَ عَلَى خديجة وعويشة فَنَعَمْ، وَأَمَّا مَا وُقِفَ عَلَى الْمَدَارِسِ وَالْعُلَمَاءِ وَطَلَبَةِ الْعِلْمِ فَلَا سَبِيلَ إِلَيْهِ؛ لِأَنَّ لَهُمْ فِي الْخُمُسِ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا يَأْكُلُونَ مِنْ هَذِهِ الْأَوْقَافِ بِسَبَبِ اسْتِحْقَاقِهِمْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، وَمِنْ صُوَرِ ذَلِكَ مَا اشْتُرِيَ بِعَقْدٍ صَحِيحٍ وَبُذِلَ فِيهِ الثَّمَنُ الْمُعْتَبَرُ وَلَكِنْ كَانَ مُشْتَرِيهِ مِنَ الْأَتْرَاكِ الَّذِينَ أَصْلُهُمْ عَبِيدُ بَيْتِ الْمَالِ وَأَعْتَقَهُمُ السُّلْطَانُ مَجَّانًا فَإِنَّ عِتْقَهُمْ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ غَيْرُ صَحِيحٍ، فَكُلُّ مَا فِي أَيْدِيهِمْ مِلْكٌ لِبَيْتِ الْمَالِ فَتَجْرِي أَوْقَافُهُمْ عَلَى هَذَا الْحُكْمِ.

[الْمَبَاحِثُ الزَّكِيَّةُ فِي الْمَسْأَلَةِ الدِّوْرِكِيَّةِ]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى، وَبَعْدُ، فَقَدْ وَرَدَ عَلَيَّ سُؤَالٌ مِنْ بِلَادِ دِوْرِكِي صُورَتُهُ: قَالَ الْوَاقِفُ فِي كِتَابِ وَقْفِهِ: وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ الذُّكُورِ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِمُ الذُّكُورِ دُونَ الْإِنَاثِ فَإِنْ لَمْ يَبْقَ مِنْ أَوْلَادِهِ الذُّكُورِ أَحَدٌ يَكُونُ وَقْفًا عَلَى أَوْلَادِهِ الْإِنَاثِ، مَا تَقُولُ السَّادَةُ الْعُلَمَاءُ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ: فَإِنْ لَمْ يَبْقَ مِنْ أَوْلَادِ الذُّكُورِ يَكُونُ وَقْفًا عَلَى أَوْلَادِهِ الْإِنَاثِ؟ وَفِي مَعْنَى الضَّمِيرَيْنِ الْمَجْرُورَيْنِ فِيهِ أَنَّهُمَا لِمَاذَا يَرْجِعَانِ وَبِمَاذَا يَصِحُّ مَعْنَى كِتَابِ الْوَقْفِ، وَمَا تَقُولُ فِيمَنْ قَالَ بِتَحْرِيمِ إِنَاثِ الذُّكُورِ وَانْتِقَالِ الْوَقْفِ مِنْ نَسْلِ الْوَاقِفِ وَالْخُرُوجِ مِنْهُمْ بِانْقِطَاعِ الْأَوْلَادِ الصُّلْبِيَّةِ بَعْدَ مَا تَصَرَّفُوا فِيهِ بِإِذْنِ الْحَاكِمَيْنِ الْحَنَفِيِّ، وَالشَّافِعِيِّ، مُدَّةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً زَعْمًا مِنْهُ أَنَّ مَعْنَى كِتَابِ الْوَقْفِ هَكَذَا الْمَفْهُومَ مِنِ الْعِبَارَةِ الْوَاقِعَةِ فِي كِتَابِ الْوَقْفِ وَهِيَ - أَيِ الطَّاحُونَةُ - وَقْفٌ عَلَى أَوْلَادِهِ الذُّكُورِ أَيْ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>