للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جَازَ الدُّخُولُ بِإِذْنِهِمْ، وَإِنَّ كَانَ عَلَى أَجْنَاسٍ مُعَيَّنَةٍ كَالشَّافِعِيَّةِ، وَالْحَنَفِيَّةِ، وَالصُّوفِيَّةِ، لَمْ يَجُزْ لِغَيْرِ هَذَا الْجِنْسِ الدُّخُولُ، وَلَوْ أَذِنَ لَهُمُ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِمْ، فَإِنَّ صَرَّحَ الْوَاقِفُ بِمَنْعِ دُخُولِ غَيْرِهِمْ لَمْ يَطْرُقْهُ خِلَافٌ الْبَتَّةَ، وَإِذَا قُلْنَا بِجَوَازِ الدُّخُولِ بِالْإِذْنِ فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ فِي الْمَسْجِدِ، وَالْمَدْرَسَةِ، وَالرِّبَاطِ كَانَ لَهُمُ الِانْتِفَاعُ عَلَى نَحْوِ مَا شَرَطَهُ الْوَاقِفُ لِلْمُعَيَّنِينَ؛ لِأَنَّهُمْ تَبَعٌ لَهُمْ وَهُمْ مُقَيَّدُونَ بِمَا شَرَطَهُ الْوَاقِفُ.

مَسْأَلَةٌ: جَامِعٌ لَهُ نَاظِرٌ فَاتَّفَقَ مَوْتُ إِمَامِهِ، وَالنَّاظِرُ مُسَافِرٌ، فَقَرَّرَ السُّلْطَانُ إِمَامًا فَهَلْ لِلنَّاظِرِ إِذَا حَضَرَ عَزْلُهُ وَتَقْرِيرُ خِلَافِهِ؟ .

الْجَوَابُ: إِذَا وَلَّى السُّلْطَانُ إِمَامًا بَعْدَ مَوْتِ الْإِمَامِ الْأَوَّلِ وَالْوَظِيفَةُ شَاغِرَةٌ، وَالنَّاظِرُ مُسَافِرٌ، فَهِيَ وِلَايَةٌ صَحِيحَةٌ يُلْزَمُ النَّاظِرُ إِبْقَاءَهَا وَلَيْسَ لَهُ عَزْلُهُ وَتَقْرِيرُ خِلَافِهِ.

[الْإِنْصَافُ فِي تَمْيِيزِ الْأَوْقَافِ]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

مَسْأَلَةٌ: أَمِيرٌ وَقَفَ خَانِقَاهْ وَرَتَّبَ بِهَا شَيْخًا، وَصُوفِيَّةً، وَجَعَلَ لَهُمْ دَرَاهِمَ، وَزَيْتًا، وَصَابُونًا، وَخُبْزًا وَلَحْمًا، فَضَاقَ الْوَقْفُ فَهَلْ يُقَدَّمُ الشَّيْخُ عَلَى الصُّوفِيَّةِ أَوْ يُصْرَفُ بَيْنَهُمْ بِالْمُحَاصَّةِ؟ وَهَلْ يُقْتَصَرُ عَلَى صِنْفٍ مِنَ الْأَصْنَافِ الَّتِي عَيَّنَهَا الْوَاقِفُ وَيُتْرَكُ الْبَاقِي أَوْ يَأْخُذُونَ مِنْ جَمِيعِ الْأَصْنَافِ الَّتِي عَيَّنَهَا الْوَاقِفُ بِالْمُحَاصَّةِ؟ وَهَلْ تَجُوزُ الِاسْتِنَابَةُ فِي شَيْءٍ مِنَ الْوَظَائِفِ أَمْ لَا؟ .

الْجَوَابُ: أَقُولُ أَوَّلًا وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ: الْأَوْقَافُ قِسْمَانِ، قِسْمٌ لَيْسَ مَأْخَذُهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَلَا مَرْجِعُهُ إِلَيْهِ، وَهَذَا الْوَقْفُ مَبْنَاهُ عَلَى التَّشْدِيدِ وَالتَّحْرِيصِ لَا يَجُوزُ تَنَاوُلُ ذَرَّةٍ مِنْهُ إِلَّا مَعَ اسْتِيفَاءِ مَا شَرَطَهُ الْوَاقِفُ؛ لِأَنَّهُ مَالُ أَجْنَبِيٍّ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ إِلَّا عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ، وَقِسْمٌ مَأْخَذُهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، بِأَنْ يَكُونَ وَاقِفُهُ خَلِيفَةً أَوْ مَلِكًا مِنَ الْمُلُوكِ السَّابِقَةِ كَصَلَاحِ الدِّينِ بْنِ أَيُّوبَ وَأَقَارِبِهِ، أَوْ مَرْجِعُهُ إِلَى بَيْتِ الْمَالِ كَأَوْقَافِ أُمَرَاءِ الدَّوْلَةِ الْقَلَاوُونِيَّةِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ إِلَى زَمَانِنَا هَذَا، وَإِنَّمَا قُلْنَا إِنَّ مَرْجِعَهُ إِلَى بَيْتِ الْمَالِ؛ لِأَنَّ وَاقِفِيهِ أَرِقَّاءُ بَيْتِ الْمَالِ وَفِي ثُبُوتِ عِتْقِهِمْ نَظَرٌ، وَقَدْ ذَكَرَ الشَّيْخُ تاج الدين بن السبكي فِي وَاقِعَةٍ وَقَعَتْ بَعْدَ السَّبْعِمِائَةِ وَهِيَ: عَبْدٌ انْتَهَى الْمِلْكُ فِيهِ لِبَيْتِ الْمَالِ فَأَرَادَ شِرَاءَ نَفْسِهِ مِنْ وَكِيلِ بَيْتِ الْمَالِ فَأَفْتَى جَمَاعَةٌ بِالْمَنْعِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ عَقْدُ عَتَاقَةٍ، وَعَبْدُ بَيْتِ الْمَالِ لَا يَجُوزُ

<<  <  ج: ص:  >  >>