للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَمْلًا عَلَى أَنَّ الْأَصْلَ فِي وَضْعِ الْمِحْرَابِ أَنْ يُحْتَاطَ لَهُ وَيُوضَعَ بِحَقٍّ وَإِنْ كَانَ ظَنًّا حَتَّى يَتَبَيَّنَ خِلَافُهُ؟

وَإِذَا نَشَأَ جَمَاعَةٌ بِبَلْدَةٍ عُمْرُ كُلِّ وَاحِدٍ نَحْوُ خَمْسِينَ سَنَةً وَهُمْ يُصَلُّونَ إِلَى مِحْرَابِ زَاوِيَةٍ كَانَ عَلَى عَهْدِ آبَائِهِمْ بِبَلَدِهِمْ وَهُمْ لَا يَعْرِفُونَ أَمَضَى عَلَيْهِ قُرُونٌ أَمْ لَا؟ وَلَا يَعْرِفُونَ هَلْ طَعَنَ فِيهِ أَحَدٌ أَمْ لَا؟ ثُمَّ وَرَدَ عَلَيْهِمْ شَخْصٌ يَعْرِفُ الْمِيقَاتَ، فَقَالَ لَهُمْ: هَذَا فَاسِدٌ، وَأَحْدَثَ لَهُمْ مِحْرَابًا غَيْرَهُ مُنْحَرِفًا عَنْهُ هَلْ يَلْزَمُهُمُ اتِّبَاعُ قَوْلِهِ وَتَرْكُ الْمِحْرَابِ الْأَوَّلِ أَمْ لَا؟ وَإِذَا لَزِمَهُمْ فَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِمْ إِعَادَةُ مَا صَلَّوْهُ إِلَى الْأَوَّلِ أَمْ لَا؟ .

الْجَوَابُ: لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْقُرُونِ ثَلَثَمِائَةِ سَنَةٍ بِلَا شَكٍّ، وَلَا مِائَةَ سَنَةٍ، وَلَا نِصْفَهَا، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ جَمَاعَاتٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ صَلَّوْا إِلَى هَذَا الْمِحْرَابِ، وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ أَنَّهُ طَعَنَ فِيهِ، فَهَذَا هُوَ الَّذِي لَا يُجْتَهَدُ فِيهِ فِي الْجِهَةِ، وَيُجْتَهَدُ فِيهِ فِي التَّيَامُنِ وَالتَّيَاسُرِ، وَقَدْ عَبَّرَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ بِقَوْلِهِ فِي بَلَدٍ كَبِيرٍ، أَوْ فِي قَرْيَةٍ صَغِيرَةٍ يَكْثُرُ الْمَارُّونَ بِهَا حَيْثُ لَا يُقِرُّونَهُ عَلَى الْخَطَأِ فَلَمْ يَشْتَرِطْ قُرُونًا، وَإِنَّمَا شَرَطَ كَثْرَةَ الْمَارِّينَ وَذَلِكَ مَرْجِعُهُ إِلَى الْعُرْفِ، وَقَدْ يُكْتَفَى فِي مِثْلِ ذَلِكَ بِسَنَةٍ، وَقَدْ يُحْتَاجُ إِلَى أَكْثَرَ بِحَسَبِ كَثْرَةِ مُرُورِ النَّاسِ بِهَا، وَقِلَّتِهِ، فَالْمَرْجِعُ إِلَى كَثْرَةِ النَّاسِ لَا إِلَى طُولِ الزَّمَانِ، وَيَكْفِي الطَّعْنُ مِنْ وَاحِدٍ إِذَا ذَكَرَ لَهُ مُسْتَنَدًا، أَوْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْمِيقَاتِ، فَذَلِكَ يُخْرِجُهُ عَنْ رُتْبَةِ الْيَقِينِ الَّذِي لَا يُجْتَهَدُ مَعَهُ.

وَمَنْ صَلَّى إِلَى مِحْرَابٍ، ثُمَّ تَبَيَّنَ فَقْدَ شَرْطِهِ الْمَذْكُورِ لَزِمَهُ الْإِعَادَةُ ; لِأَنَّ وَاجِبَهُ حِينَئِذٍ الِاجْتِهَادُ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ الِاعْتِمَادُ عَلَيْهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وَمِنْ وَاجِبِهِ الِاجْتِهَادُ إِذَا صَلَّى بِدُونِهِ أَعَادَ، وَيَجِبُ عَلَى الشَّخْصِ قَبْلَ الْإِقْدَامِ الْبَحْثُ عَنْ وُجُودِ الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ، وَإِذَا صَلَّى قِبَلَهُ بِدُونِ الِاجْتِهَادِ لَمْ تَنْعَقِدْ صَلَاتُهُ، وَمِحْرَابُ الزَّاوِيَةِ الْمَذْكُورُ إِنْ كَانَتْ بَلْدَتُهُ كَبِيرَةً، أَوْ صَغِيرَةً كَثِيرَةَ الْمُرُورِ بِهَا، وَلَمْ يُسْمَعْ فِيهِ طَعْنٌ فَالصَّلَاةُ إِلَيْهِ صَحِيحَةٌ وَإِنْ كَانَتْ صَغِيرَةً، وَلَمْ يَكْثُرِ الْمُرُورُ بِهَا، لَمْ تَصِحَّ الصَّلَاةُ إِلَّا بِاجْتِهَادٍ، وَيَتَّبِعُ قَوْلَ الْمِيقَاتِيِّ فِي تَحْرِيفِهِ إِنْ كَانَ بَارِعًا فِي فَنِّهِ مَوْثُوقًا بِهِ، وَقَلِيلٌ مَا هُمْ، وَلَا يَلْزَمُ إِعَادَةُ مَا تَقَدَّمَ مِنَ الصَّلَوَاتِ.

[بَابُ صِفَةِ الصَّلَاةِ]

[مسائل متفرقة]

بَابُ صِفَةِ الصَّلَاةِ

مَسْأَلَةٌ: وَقَعَ فِي عِبَارَةِ عِدَّةٍ مِنَ الْكُتُبِ (بَابُ صِفَةِ الصَّلَاةِ) وَمُرَادُهُ أَنْ يُبَيِّنَ فِي الْبَابِ الْهَيْئَةَ الْحَاصِلَةَ لِلصَّلَاةِ بِأَرْكَانِهَا وَعَوَارِضِهَا، فَهَلْ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْإِضَافَةُ إِضَافَةً بَيَانِيَّةً، وَإِذَا لَمْ تَكُنْ فَأَيُّ إِضَافَةٍ هِيَ؟ .

<<  <  ج: ص:  >  >>