للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قُلْتُ: وَمَا زَالَ هَذَا دَأْبَ الْخُلَفَاءِ وَالْمُلُوكِ سَلَفًا وَخَلَفًا مِنْ عَهْدِ الصَّحَابَةِ وَهَلُمَّ جَرًّا. وَالْعُلَمَاءُ يُفْتُونَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ، وَمَنْ طَالَعَ تَوَارِيخَ الْأُمَّةِ وَقَفَ عَلَى ذَلِكَ وَعَلِمَهُ عِلْمَ الْيَقِينِ، وَقَدْ قُلْتُ فِي هَذِهِ الْوَاقِعَةِ:

يَقُولُ رَبْعُ الْفِسْقِ مَا مُسْلِمٌ ... مِمَّا لَهُ أُرْصِدْتُ يَرْضَانِي

وَلَا تَرَى فِي النَّاسِ ذَا مَسْكَةٍ ... إِلَّا يَرَى فِي الْوَزْنِ نُقْصَانِي

وَإِنْ يَزْنِي أَحَدٌ رَاجِحًا ... فَالْجَاهِلُ اللُّوطِيُّ وَالزَّانِي

وَقُلْتُ إِنْ لَمْ يَخْلُ مِمَّا بِهِ ... فَالشَّرْعُ فِيهِ هَدْمُ ذَا الْجَانِي

وَاسْتَفْتَى الْبَانِي فَأَفْتَى بِأَنْ ... مَنْ قَالَ هَذَا آثَمٌ جَانِي

يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَلَا فَاسْمَعُوا ... مَقَالَ حَقٍّ لَيْسَ بِالْوَانِي

مَنْ ذَا الَّذِي أَوْلَى بِتَأْثِيمِهِ ... عِنْدَ مُحِبٍّ كَانَ أَوْشَانِي

أَهَادِمٌ رَبْعًا بَنَوْهُ لِكَيْ ... يُعْصَى بِهِ اللَّهُ أَمِ الْبَانِي

[بَابُ الْقِرَاضِ]

مَسْأَلَةٌ: لَوِ اخْتَلَفَ الْمَالِكُ وَالْعَامِلُ فَقَالَ الْمَالِكُ: دَفَعْتُ لَكَ الْمَالَ قِرَاضًا، وَقَالَ الْآخَرُ: بَلْ قَرْضًا، مَنِ الْمُصَدَّقُ؟ .

الْجَوَابُ: هَذَا الْفَرْعُ لَمْ أَرَهُ مَنْقُولًا عِنْدَنَا، وَإِنَّمَا الْمَنْقُولُ عَكْسُهُ وَهُوَ فِي الرَّوْضَةِ مَحْكِيٌّ فِيهِ وَجْهَانِ بِلَا تَرْجِيحٍ، وَرَجَّحَ فِيمَا إِذَا كَانَ الْمَالُ بَاقِيًا تَصْدِيقَ الْمَالِكِ وَفِيمَا إِذَا تَلِفَ تَصْدِيقَ الْعَامِلِ، وَأَمَّا هَذَا الْفَرْعُ فَالَّذِي يَظْهَرُ فِيهِ تَصْدِيقُ الْعَامِلِ؛ لِأَنَّ مَعَهُ يَدًا وَبَلَغَنِي أَنَّهُ مَنْقُولٌ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ كَذَلِكَ.

[بَابُ الْمُزَارَعَةِ]

مَسْأَلَةٌ: رَجُلٌ لَهُ أَرْضٌ اتَّفَقَ مَعَ شَخْصٍ عِنْدَهُ قَمْحٌ عَلَى أَنَّهُمَا يَزْرَعَانِ الْأَرْضَ وَأَنَّ صَاحِبَ الْقَمْحِ يَبْذُرُ عَنْ صَاحِبِ الْأَرْضِ مَا يَخُصُّهُ مِنَ الْقَمْحِ، وَأَنَّ مَا يَخُصُّ صَاحِبَ الْقَمْحِ يُؤَدِّي هُوَ خَرَاجَهُ، وَأَنَّ صَاحِبَ الْأَرْضِ يَحْرُثُ مَا يَخُصُّهُ وَمَا يَخُصُّ شَرِيكَهُ فِي مُقَابَلَةِ أَنَّهُ يَصْبِرُ عَلَيْهِ بِمَا يَخُصُّهُ مِنَ الْقَمْحِ ثُمَّ طَلَعَ الزَّرْعُ فَمَا الَّذِي يَسْتَحِقُّهُ كُلٌّ مِنْهُمَا.

الْجَوَابُ: يَخْتَصُّ صَاحِبُ الْقَمْحِ بِجَمِيعِ الزَّرْعِ؛ لِأَنَّ الْقَمْحَ الَّذِي بَذَرَهُ كُلَّهُ مِلْكُهُ وَلَمْ يَقَعْ فِيهِ قَرْضٌ صَحِيحٌ، وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِلْأَرْضِ وَلِصَاحِبِ الْأَرْضِ أَيْضًا أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِعَمَلِهِ وَحَرْثِهِ؛ لِأَنَّهُ عَمِلَ بِإِجَارَةٍ فَاسِدَةٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>