للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الزَّوْجِيَّةِ، فَسُئِلَ عَنِ الْحِكْمَةِ فِي عَدَمِ حِنْثِ الِاثْنَيْنِ مَعَ كَوْنِ صِدْقِ أَحَدِهِمَا يُوجِبُ حِنْثَ الْآخَرِ، فَقَالَ: الْوَلِيُّ إِذَا تَحَقَّقَ فِي وِلَايَتِهِ مُكِّنَ مِنَ التَّصَوُّرِ فِي صُوَرٍ عَدِيدَةٍ وَتَظْهَرُ رُوحَانِيَّتُهُ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ فِي جِهَاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ، فَالصُّورَةُ الَّتِي ظَهَرَتْ لِمَنْ رَآهَا بِعَرَفَةَ، وَالصُّورَةُ الَّتِي رَآهَا الْآخَرُ فِي مَكَانِهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ حَقٌّ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا صَادِقٌ فِي يَمِينِهِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ وُجُودُ شَخْصٍ فِي مَكَانَيْنِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ لِأَنَّ ذَلِكَ إِثْبَاتُ تَعَدُّدِ الصُّوَرِ الرُّوحَانِيَّةِ لَا الْجُسْمَانِيَّةِ. انْتَهَى.

وَقَدْ قَرَّرْتُ نَظِيرَ ذَلِكَ فِي الرُّوحِ بَعْدَ الْمَوْتِ فِي بَابِ مَقَرِّ الْأَرْوَاحِ فِي كِتَابِ الْبَرْزَخِ، قَالَ الشمس الداودي: قَالَ مُؤَلِّفُهُ شَيْخُنَا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَأَرْضَاهُ -: أَلَّفُتُهُ يَوْمَ السَّبْتِ ثَامِنَ مُحَرَّمٍ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَثَمَانِينَ وَثَمَانِمِائَةٍ، أَحْسَنَ اللَّهُ خِتَامَهَا بِمُحَمَّدٍ وَآلِهِ أَجْمَعِينَ.

[تَنْوِيرُ الْحَلَكِ فِي إِمْكَانِ رُؤْيَةِ النَّبِيِّ وَالْمَلَكِ]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى، وَبَعْدُ: فَقَدْ كَثُرَ السُّؤَالُ عَنْ رُؤْيَةِ أَرْبَابِ الْأَحْوَالِ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْيَقَظَةِ، وَإِنَّ طَائِفَةً مِنْ أَهْلِ الْعَصْرِ مِمَّنْ لَا قَدَمَ لَهُمْ فِي الْعِلْمِ بَالَغُوا فِي إِنْكَارِ ذَلِكَ وَالتَّعَجُّبِ مِنْهُ وَادَّعَوْا أَنَّهُ مُسْتَحِيلٌ، فَأَلَّفْتُ هَذِهِ الْكُرَّاسَةَ فِي ذَلِكَ وَسَمَّيْتُهَا: تَنْوِيرُ الْحَلَكِ فِي إِمْكَانِ رُؤْيَةِ النَّبِيِّ وَالْمَلَكِ، وَنَبْدَأُ بِالْحَدِيثِ الصَّحِيحِ الْوَارِدِ فِي ذَلِكَ: أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وأبو داود عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( «مَنْ رَآنِي فِي الْمَنَامِ فَسَيَرَانِي فِي الْيَقَظَةِ وَلَا يَتَمَثَّلُ الشَّيْطَانُ بِي» ) وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ مِثْلَهُ مِنْ حَدِيثِ مَالِكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْخَثْعَمِيِّ، وَمِنْ حَدِيثِ أبي بكرة، وَأَخْرَجَ الدَّارِمِيُّ مِثْلَهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ [الْأَنْصَارِيِّ] قَالَ الْعُلَمَاءُ: اخْتَلَفُوا فِي مَعْنَى قَوْلِهِ (فَسَيَرَانِي فِي الْيَقَظَةِ) فَقِيلَ: مَعْنَاهُ فَسَيَرَانِي فِي الْقِيَامَةِ، وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ بِلَا فَائِدَةٍ فِي هَذَا التَّخْصِيصِ لِأَنَّ كُلَّ أُمَّتِهِ يَرَوْنَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، مَنْ رَآهُ مِنْهُمْ وَمَنْ لَمْ يَرَهُ، وَقِيلَ: الْمُرَادُ مَنْ آمَنَ بِهِ فِي حَيَاتِهِ وَلَمْ يَرَهُ لِكَوْنِهِ حِينَئِذٍ غَائِبًا عَنْهُ فَيَكُونُ مُبَشِّرًا لَهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَرَاهُ فِي الْيَقَظَةِ قَبْلَ مَوْتِهِ، وَقَالَ قَوْمٌ هُوَ عَلَى ظَاهِرِهِ فَمَنْ رَآهُ فِي النَّوْمِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَرَاهُ فِي الْيَقَظَةِ - يَعْنِي بِعَيْنَيْ

<<  <  ج: ص:  >  >>