الْجَوَابُ: رَوَى الديلمي فِي مُسْنَدِ الْفِرْدَوْسِ مِنْ طَرِيقِ أبي عبيدة، عَنِ الحسن، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ قَرَأَ فِي أَثَرِ وُضُوئِهِ: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} [القدر: ١] مَرَّةً وَاحِدَةً كَانَ مِنَ الصِّدِّيقِينَ، وَمَنْ قَرَأَهَا مَرَّتَيْنِ كُتِبَ فِي دِيوَانِ الشُّهَدَاءِ، وَمَنْ قَرَأَهَا ثَلَاثًا حَشَرَهُ اللَّهُ مَحْشَرَ الْأَنْبِيَاءِ» . وأبو عبيدة مَجْهُولٌ.
مَسْأَلَةٌ: مَا قَوْلُكُمْ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي أَخْرَجَهُ أبو داود: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنِ الِاسْتِنْجَاءِ فَقَالَ: " مَنْ فَعَلَ أَحْسَنَ، وَمَنْ لَا فَلَا حَرَجَ» هَلْ هُوَ صَحِيحٌ؟ فَإِنَّ الْحَنَفِيَّةَ اسْتَدَلُّوا بِهِ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ الِاسْتِنْجَاءِ؟ .
الْجَوَابُ: لَيْسَ لَفْظُ الْحَدِيثِ هَكَذَا، إِنَّمَا لَفْظُهُ: «مَنِ اسْتَجْمَرَ فَلْيُوتِرْ، مَنْ فَعَلَ فَقَدْ أَحْسَنَ وَمَنْ لَا فَلَا حَرَجَ» . هَكَذَا هُوَ فِي سُنَنِ أبي داود وَابْنِ مَاجَهْ وَغَيْرِهِمَا، وَهُوَ حَدِيثٌ حَسَنٌ، كَمَا قَالَهُ النووي فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وَلَا دَلِيلَ فِيهِ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ الِاسْتِنْجَاءِ ; لِأَنَّ الْكَلَامَ رَاجِعٌ إِلَى الْإِيتَارِ، وَهُوَ سُنَّةٌ بِلَا خِلَافٍ.
[الْأَخْبَارُ الْمَأْثُورَةُ فِي الِاطِّلَاءِ بِالنُّورَةِ]
[حكم الِاطِّلَاءِ بِالنُّورَةِ]
٣٨ - الْأَخْبَارُ الْمَأْثُورَةُ فِي الِاطِّلَاءِ بِالنُّورَةِ.
مَسْأَلَةٌ: مَا قَوْلُكُمْ فِي الِاطِّلَاءِ بِالنُّورَةِ، هَلْ هُوَ سُنَّةٌ مَأْثُورَةٌ عَنِ الشَّارِعِ أَمْ لَا؟ وَهَلِ الْأَحَادِيثُ الْوَارِدَةُ فِي ذَلِكَ ثَابِتَةٌ أَمْ لَا؟ كَحَدِيثِ أم سلمة الَّذِي أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ «أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا طَلَى بَدَأَ بِعَوْرَتِهِ بِالنُّورَةِ وَسَائِرِ جَسَدِهِ كُلِّهِ» ، وَحَدِيثِ عائشة الَّذِي أَخْرَجَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ قَالَتْ: «اطَّلَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالنُّورَةِ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْهَا قَالَ: يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ، عَلَيْكُمْ بِالنُّورَةِ؛ فَإِنَّهَا طَيِّبَةٌ وَطَهُورٌ، وَإِنَّ اللَّهَ يُذْهِبُ بِهَا عَنْكُمْ أَوْسَاخَكُمْ وَأَشْعَارَكُمْ» فَإِنْ قُلْتُمْ بِأَنَّ ذَلِكَ ثَابِتٌ، فَمَا الْجَمْعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا أَخْرَجَهُ أبو حاتم عَنْ أَنَسٍ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَتَنَوَّرُ، فَإِذَا كَثُرَ شَعْرُهُ حَلَقَهُ» ؟ وَقَوْلِ الشَّيْخِ محيي الدين النووي فِي فَتَاوِيهِ: لَمْ يَثْبُتْ فِي ذَلِكَ شَيْءٌ؟
الْجَوَابُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، قَدْ وَرَدَتِ الْأَحَادِيثُ وَالْآثَارُ مَرْفُوعَةً وَمَوْقُوفَةً وَمَقْطُوعَةً، مَوْصُولَةً وَمُرْسَلَةً عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ بِاسْتِعْمَالِ النُّورَةِ، فَهِيَ مُبَاحَةٌ غَيْرُ مَكْرُوهَةٍ، وَهَلْ يُطْلَقُ عَلَيْهَا سُنَّةٌ؟ مَحَلُّ تَوَقُّفٍ ; لِأَنَّ السُّنَّةَ تَحْتَاجُ إِلَى ثُبُوتِ الْأَمْرِ بِهَا كَحَلْقِ الْعَانَةِ وَنَتْفِ الْإِبْطِ وَقَصِّ الشَّارِبِ وَقَلْمِ الْأَظْفَارِ، وَفِعْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنْ كَانَ دَلِيلًا عَلَى السُّنَّةِ، فَقَدْ يُقَالُ هُنَا: إِنَّ هَذَا مِنَ الْأُمُورِ الْعَادِيَّةِ الَّتِي لَا يَدُلُّ فِعْلُهُ لَهَا عَلَى السُّنِّيَّةِ، وَقَدْ يُقَالُ: إِنَّهُ إِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ لِبَيَانِ الْجَوَازِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute