أَوْلَادِ الْوَاقِفِ الذُّكُورِ لِمَا أَنَّ الضَّمِيرَ فِي أَوْلَادِهِ رَاجِعٌ إِلَى الْوَاقِفِ وَعَلَى أَوْلَادِهِمُ الذُّكُورِ، الضَّمِيرُ رَاجِعٌ إِلَى أَوْلَادِ الذُّكُورِ دُونَ الْإِنَاثِ، نُفِيَ عَنْ إِنَاثِ الذُّكُورِ، فَإِنْ لَمْ يَبْقَ مِنْ أَوْلَادِهِ الذُّكُورِ يَكُونُ وَقْفًا عَلَى أَوْلَادِهِ الْإِنَاثِ، فَمَا بَعْدُ يَكُونُ وَقْفًا عَلَى الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ الْمَعْمُورِ بِدُورْكِي، فَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْوَاقِفَ اخْتَصَّ أَوَّلًا إِلَى ذُكُورِ الْوَاقِفِ، وَخَرَجَ مِنَ الْبَيْنِ إِنَاثُ الذُّكُورِ خَائِبَاتٍ بِحُكْمِ عِبَارَةِ: دُونَ الْإِنَاثِ، وَلَمْ يَسْتَحِقَّ الْوَقْفَ إِلَّا مَنْ هُوَ مِنَ الْإِنَاثِ الصُّلْبِيَّةِ لِلْوَاقِفِ، وَلَوْ بَقِيَ أَحَدٌ مِنْ تِلْكَ الْإِنَاثِ الصُّلْبِيَّةِ يَسْتَحِقُّ إِلَى حِينِ الِانْقِرَاضِ وَإِلَّا لَا يَسْتَحِقُّ لَهُ أَحَدٌ غَيْرُهَا، فَمَنْ عَانَدَهُ يَأْتِي بِحُجَّةٍ شَرْعِيَّةٍ لَا بِحُجَّةٍ عَقْلِيَّةٍ، هَذِهِ صُورَةُ السُّؤَالِ.
فَكَتَبْتُ عَلَيْهِ مَا نَصُّهُ: قَوْلُ الْوَاقِفِ: عَلَى أَوْلَادِهِ الذُّكُورِ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِمُ الذُّكُورِ دُونَ الْإِنَاثِ، يَنْفِي أَوْلَادَ بَنَاتِ الذُّكُورِ لَا بَنَاتِ الذُّكُورِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْوَاقِفَ قَصَرَ الْوَقْفَ عَلَى مَنْ يُنْسَبُ إِلَيْهِ، فَأَوْلَادُ بَنِيهِ يُعْطَوْنَ ذُكُورًا كَانُوا أَوْ إِنَاثًا إِذَا وُجِدَ شَرْطُ الْإِنَاثِ وَهُوَ فَقْدُ الذُّكُورِ، وَأَوْلَادُ بَنَاتِ بَنِيهِ لَا يُعْطَوْنَ الْبَتَّةَ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يُنْسَبُونَ إِلَيْهِ، فَبِنْتُ الِابْنِ تُنْسَبُ إِلَى جَدِّهَا كَابْنِ الِابْنِ، وَبِنْتُ الْبِنْتِ أَوِ ابْنُ الْبِنْتِ إِنَّمَا يُنْسَبَانِ إِلَى أَبِيهِمَا لَا إِلَى جَدِّهِمَا أَبِي أُمِّهِمَا، فَضَمِيرُ أَوْلَادِهِمْ لِلْأَوْلَادِ، وَالذُّكُورُ صِفَةٌ لِأَوْلَادِ الْمُضَافِ إِلَى الضَّمِيرِ لَا لِأَوْلَادِ الْأَوَّلِ الْمُضَافِ إِلَى أَوْلَادِهِمْ؛ إِذْ لَوْ كَانَ صِفَةً لَهُ لَزِمَ مَحْذُورٌ أَشَدُّ وَهُوَ الصَّرْفُ إِلَى الْأَوْلَادِ الذُّكُورِ مِنْ نَسْلِ جَمِيعِ أَوْلَادِ الْأَوْلَادِ الشَّامِلِ لِلذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ، فَيَلْزَمُ الصَّرْفُ إِلَى ابْنِ بِنْتِ الِابْنِ، وَهُوَ خِلَافُ الْمُرَادِ الْمَفْهُومِ مِنْ سِيَاقِ غَرَضِ الْوَاقِفِ حَيْثُ مَنَعَ بَنَاتِ نَفْسِهِ مَعَ وُجُودِ الذُّكُورِ، فَلَا يُمْكِنُ إِعْطَاءُ مَنْ أَدْلَى بِبِنْتِ ابْنٍ مَعَ وُجُودِهِمْ وَوُجُودِ بَنَاتِ نَفْسِهِ، فَعُلِمَ أَنَّ مَقْصُودَهُ إِعْطَاءُ مَنْ يُنْسَبُ إِلَيْهِ مِنْ بَنِيهِ وَبَنَاتِهِ وَأَوْلَادِ بَنِيهِ ذُكُورًا وَإِنَاثًا، وَأَوْلَادِ بَنِي بَنِيهِ دُونَ أَوْلَادِ بَنَاتِ بَنِيهِ، وَعُلِمَ شَرْطُ فَقْدِ الذُّكُورِ فِي إِعْطَاءِ الْإِنَاثِ مِنْ صُلْبِهِ بِالنَّصِّ مِنْهُ وَمِنْ بَنَاتِ أَوْلَادِهِ إِمَّا بِالْقِيَاسِ عَلَيْهِنَّ وَإِمَّا بِعُمُومِ نَصِّهِ، فَإِنَّ قَوْلَهُ: "أَوْلَادِهِ"، فِي الْمَوْضِعَيْنِ - وَهُمَا: فَإِنْ لَمْ يَبْقَ مِنْ أَوْلَادِهِ الذُّكُورِ يَكُونُ وَقْفًا عَلَى أَوْلَادِهِ الْإِنَاثِ - قَدْ يُقَالُ لِشُمُولِهِ لَهُمْ لَفْظًا؛ لِكَوْنِ الْجُمْلَةِ جَاءَتْ عَقِبَ النَّوْعَيْنِ، وَإِنْ كَانَ الرَّاجِحُ عِنْدَنَا أَنَّ أَوْلَادَ الْأَوْلَادِ لَا يَدْخُلُونَ فِي الْوَقْفِ عَلَى الْأَوْلَادِ، فَهَذَا مُدْرَكٌ خَاصٌّ بِهَذِهِ الْوَاقِعَةِ، هَذِهِ صُورَةُ الْجَوَابِ.
وَقَدْ أُورِدَ عَلَيْهِ أَنَّهُ عَلَى هَذَا التَّقْرِيرِ يَلْزَمُ خُلُوُّ نَصِّ الْوَاقِفِ عَنِ اسْتِحْقَاقِ أَوْلَادِ أَوْلَادِهِ، فَإِنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ أَوَّلًا أَوْلَادَهُ وَأَوْلَادَ أَوْلَادِهِمْ، وَلَمْ يَذْكُرْ أَوْلَادَهُمْ، وَأَقُولُ: هَذَا الْأَمْرُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute