للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِمَّا زَادَنَا يَقِينًا فِيمَا أَفْتَيْنَا بِهِ مِنَ اسْتِحْقَاقِ بَنَاتِ أَوْلَادِهِ بِشَرْطِ فَقْدِ الذُّكُورِ، وَمِنْ أَنَّ الذُّكُورَ صِفَةٌ لِأَوْلَادِهِمْ لَا لِأَوْلَادِ الْمُضَافِ هُوَ إِلَيْهِ، وَمِنْ أَنَّ قَوْلَهُ: " أَوْلَادِهِ " فِي الْمَوْضِعَيْنِ شَامِلٌ بِعُمُومِ لَفْظِهِ لِلْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ، أَعْنِي أَوْلَادَ صُلْبِهِ وَأَوْلَادَ أَوْلَادِهِ، فَإِنْ قُلْتَ: بَيِّنْ لِي ذَلِكَ حَتَّى أَفْهَمَهُ؟ قُلْتُ: الَّذِي يُحْمَلُ عَلَيْهِ عِبَارَةُ الْوَاقِفِ أَنَّ قَوْلَهُ، وَقْفٌ عَلَى أَوْلَادِهِ الذُّكُورِ، لَيْسَ قَاصِرًا عَلَى أَوْلَادِ صُلْبِهِ بَلْ عَامًّا فِي جَمِيعِ نَسْلِهِ الذُّكُورِ الطَّبَقَةِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ، وَهَكَذَا إِلَى آخِرِ نَسْلِهِ، فَإِنْ قُلْتَ: كَيْفَ تَقُولُ ذَلِكَ وَكَيْفَ يَسُوغُ لَكَ هَذَا الْحَمْلُ وَهَذَا عِنْدَكَ فِي الْمِنْهَاجِ وَلَا يَدْخُلُ أَوْلَادُ الْأَوْلَادِ فِي الْوَقْفِ عَلَى الْأَوْلَادِ فِي الْأَصَحِّ، فَهَذَا إِفْتَاءٌ بِالْقَوْلِ الْمَرْجُوحِ. قُلْتُ: كَلَّا، غَيْرَ أَنَّكَ قَاصِرٌ عَنْ إِدْرَاكِ الْمَدَارِكِ، وَالْمُدْرَكُ فِي هَذَا الْحَمْلِ أُمُورٌ: الْأَوَّلُ أَنَّ شُرَّاحَ الْمِنْهَاجِ قَالُوا: إِنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ فِيمَا إِذَا لَمْ يُرِدِ الْوَاقِفُ جَمِيعَهُمْ، فَإِنْ أَرَادَ ذَلِكَ دَخَلَ أَوْلَادُ الْأَوْلَادِ قَطْعًا: ذَكَرَهُ ابن خيران فِي اللَّطِيفِ، وَإِرَادَةُ الْوَاقِفِ تُعْرَفُ بِالْقَرَائِنِ وَقَدْ قَامَتْ هُنَا وَهِيَ مَا يُذْكَرُ بَعْدَ هَذَا.

الْأَمْرُ الثَّانِي أَنَّ قَوْلَهُ: وَأَوْلَادُ أَوْلَادِهِمُ الذُّكُورِ، قَرِينَةٌ ظَاهِرَةٌ فِي أَنَّهُ أَرَادَ بِالْأَوْلَادِ جَمِيعَ نَسْلِهِ لَا أَوْلَادَ صُلْبِهِ فَقَطْ، وَنَصَّ عَلَى هَذَا الْفَرْعِ بِخُصُوصِهِ وَهُوَ الطَّبَقَةُ الثَّالِثَةُ لِيُبَيِّنَ شَرْطَهَا الْخَاصَّ بِهَا، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ يُنْسَبُ إِلَى الْوَاقِفِ بِأَنْ يَكُونَ مِنْ ذُرِّيَّةِ أَوْلَادِ أَوْلَادِهِ الذُّكُورِ لَا مِنْ ذُرِّيَّةِ أَوْلَادِهِمُ الْإِنَاثِ، وَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ بِالْأَوْلَادِ الصُّلْبِيَّةَ فَقَطْ لَزِمَ أَنْ يُعْطَى الْأَوْلَادُ وَأَوْلَادُ أَوْلَادِهِمْ دُونَ أَوْلَادِهِمْ، وَهُوَ خِلَافُ الظَّاهِرِ.

الثَّالِثُ: أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ أَيْضًا بِأَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ طَبَقَةً مَخْصُوصَةً بَلْ هُوَ عَامٌّ فِي كُلِّ طَبَقَةٍ مِنَ النَّسْلِ، وَإِنْ بَعُدَتْ، لَا يُعْطَى مِنْ طَبَقَاتِ النَّسْلِ إِلَّا مَنْ يُدْلِي إِلَى الْوَاقِفِ بِمَحْضِ الذُّكُورِ وَلَا يُعْطَى مَنْ أَدْلَى بِإِنَاثٍ، فَكَمَا أَنَّ هَذَا عَامٌّ فِي أَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ لِصُلْبِهِمْ وَمَنْ سَفَلَ، فَكَذَلِكَ قَوْلُهُ، عَلَى أَوْلَادِهِ، عَامٌّ فِيمَنْ هُمْ لِصُلْبِهِ وَمَنْ سَفَلَ.

الرَّابِعُ: لَوْ أَخَذْنَا بِالْخُصُوصِ وَقُلْنَا: الْأَوْلَادُ خَاصٌّ بِالصُّلْبِيَّةِ دُونَ أَوْلَادِ الْأَوْلَادِ لَكَانَ الثَّانِي أَيْضًا كَذَلِكَ وَهُوَ قَوْلُهُ، وَأَوْلَادُ أَوْلَادِهِمْ، فَلَمْ يَكُنْ يُعْطَى مِنْ أَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ إِلَّا طَبَقَةٌ وَاحِدَةٌ وَهُمْ أَوْلَادُهُمْ لِصُلْبِهِمْ، وَكَانَ يُحْرَمُ جَمِيعُ الطَّبَقَاتِ بَعْدَهُمْ وَيَنْقَرِضُ أَهْلُ الْوَقْفِ بِانْقِرَاضِ الطَّبَقَةِ الثَّالِثَةِ وَلَا سَبِيلَ إِلَى ذَلِكَ.

الْخَامِسُ: أَنَّ الْأَلْفَاظَ يُرَاعَى فِيهَا عُرْفُ أَرْبَابِهَا، وَالْوَاقِفُ لِهَذَا الْوَقْفِ وَالْحَاكِمُ بِهِ وَالْمُوَثِّقُ كُلُّهُمْ حَنَفِيَّةٌ، وَمَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّ الْوَقْفَ عَلَى الْأَوْلَادِ يَدْخُلُ فِيهِ أَوْلَادُ الْبَنِينَ.

قَالَ فِي الْمُحِيطِ: لَوْ وَقَفَ عَلَى وَلَدِهِ يَدْخُلُ فِيهِ أَوْلَادُهُ لِصُلْبِهِ وَأَوْلَادُ أَبْنَائِهِ، وَفِي أَوْلَادِ الْبَنَاتِ رِوَايَتَانِ عَنْ محمد أَنَّهُمْ يَدْخُلُونَ فِيهِ؛ لِأَنَّ اسْمَ الْوَلَدِ يَتَنَاوَلُهُمْ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ اسْمُ

<<  <  ج: ص:  >  >>