عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ} [الرعد: ١١] هَذِهِ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاصَّةً، وَالْمُعَقِّبَاتُ: الْمَلَائِكَةُ يَحْفَظُونَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَخْرَجَهُ ابن المنذر، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وابن مردويه، وأبو نعيم فِي الدَّلَائِلِ، وَمِنْهَا مَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ: «إِنَّ اللَّهَ أَيَّدَنِي بِأَرْبَعَةِ وُزَرَاءَ، اثْنَيْنِ مِنْ أَهْلِ السَّمَاءِ جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ، وَاثْنَيْنِ مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ أبي بكر وعمر» وَالْوَزِيرُ مِنْ أَتْبَاعِ الْمَلِكِ ضَرُورَةً، فَجِبْرِيلُ وَمِيكَائِيلُ رُؤُوسُ أَهْلِ مِلَّتِهِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ، كَمَا أَنَّ أبا بكر وعمر رُؤُوسُ أَهْلِ مِلَّتِهِ مِنْ بَنِي آدَمَ، وَمِنْهَا أَنَّهُ لَمَّا مَاتَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى عَلَيْهِ الْمَلَائِكَةُ بِأَسْرِهِمْ لَمْ يَتَخَلَّفْ مِنْهُمْ أَحَدٌ وَلَمْ يَقَعْ ذَلِكَ لِغَيْرِهِ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ، وَمِنْهَا أَنَّ الْمَلَائِكَةَ يَسْأَلُونَ الْمَوْتَى فِي قُبُورِهِمْ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لِأَحَدٍ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ سِوَاهُ، وَمِنْهَا أَنَّ الْمَلَائِكَةَ تَحْضُرُ أُمَّتَهُ إِذَا قَاتَلَتِ الْعَدُوَّ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لِنُصْرَةِ دِينِهِ وَهَذِهِ خِصِّيصَةٌ مُسْتَمِرَّةٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمِنْهَا أَنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَحْضُرُ مَنْ مَاتَ مِنْ أَمَّتِهِ لِيَطْرُدَ عَنْهُ الشَّيْطَانَ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ، وَمِنْهَا أَنَّ الْمَلَائِكَةَ تَنْزِلُ فِي كُلِّ سَنَةٍ لَيْلَةَ الْقَدْرِ عَلَى أُمَّتِهِ وَتُسَلِّمُ عَلَيْهِمْ، وَمِنْهَا أَنَّهَا أُعْطِيَتْ قِرَاءَةَ سُورَةِ الْفَاتِحَةِ مِنْ كِتَابِهِ وَلَمْ تُعْطَ قِرَاءَةَ شَيْءٍ مِنْ سَائِرِ الْكُتُبِ وَهِيَ حَرِيصَةٌ عَلَى سَمَاعِ بَقِيَّةِ الْقُرْآنِ مِنَ الْإِنْسِ دُونَ سَائِرِ الْكُتُبِ، وَمِنْهَا أَنَّهُ نَزَلَ إِلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَيَاتِهِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مَا لَمْ يَنْزِلْ إِلَى الْأَرْضِ مُنْذُ خُلِقَ كَإِسْرَافِيلَ، وَمِنْهَا أَنَّ مَلَكَ الْمَوْتِ اسْتَأْذَنَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَسْتَأْذِنْ عَلَى نَبِيٍّ قَبْلَهُ، وَمِنْهَا أَنَّهُ وُكِّلَ بِقَبْرِهِ الشَّرِيفِ مَلَكٌ يُبْلِغُهُ سَلَامَ مَنْ يُصَلِّي عَلَيْهِ، وَمِنْهَا أَنَّهُ يَنْزِلُ عَلَى قَبْرِهِ الشَّرِيفِ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ يَضْرِبُونَهُ بِأَجْنِحَتِهِمْ وَيَحُفُّونَهُ وَيَسْتَغْفِرُونَ لَهُ وَيُصَلُّونَ عَلَيْهِ كُلَّ يَوْمٍ إِلَى أَنْ يُمْسُوا فَإِذَا أَمْسَوْا عَرَجُوا وَهَبَطَ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ كَذَلِكَ حَتَّى يُصْبِحُوا إِلَى أَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ خَرَجَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَبْعِينَ أَلْفَ مَلَكٍ - أَخْرَجَهُ ابن المبارك فِي الزُّهْدِ عَنْ كعب الأحبار.
خَاتِمَةٌ: فِي كَشْفِ الْأَسْرَارِ لابن العماد حِكَايَةً أَنَّ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَرْسَلَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ لِيُنْبِئَهُمْ بِمَا عَلِمَ مِنَ الْأَسْمَاءِ فَإِنْ صَحَّ ذَلِكَ كَانَ أَحَدَ الْأَدِلَّةِ عَلَى إِرْسَالِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِمْ ; لِأَنَّهُ مَا أُوتِيَ نَبِيُّ فَضِيلَةً إِلَّا أُوتِيَ نَبِيُّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهَا أَوْ نَظِيرَهَا، وَهَذِهِ الْقَاعِدَةُ كَالْمُجْمَعِ عَلَيْهَا، وَمِمَّنْ نَصَّ عَلَيْهَا الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَحْدَهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute