وَأَخْرَجَ ابن عساكر عَنْ مغيرة قَالَ: أَوَّلُ مَنْ ضَرَبَ الدَّرَاهِمَ الزُّيُوفَ عبيد الله بن زياد وَهُوَ قَاتِلُ الحسين. وَفِي تَارِيخِ الذهبي: أَوَّلُ مَنْ ضَرَبَ الدَّرَاهِمَ فِي بِلَادِ الْمَغْرِبِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَكَمِ الْأُمَوِيُّ الْقَائِمُ بِالْأَنْدَلُسِ فِي الْقَرْنِ الثَّالِثِ، وَإِنَّمَا كَانُوا يَتَعَامَلُونَ بِمَا يُحْمَلُ إِلَيْهِمْ مِنْ دَرَاهِمِ الْمَشْرِقِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي تَفْسِيرِهِ عَنْ أبي جعفر قَالَ: الْقِنْطَارُ خَمْسَةَ عَشَرَ أَلْفَ مِثْقَالٍ، وَالْمِثْقَالُ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ قِيرَاطًا، وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ فِي تَفْسِيرِهِ عَنِ السدي فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ} [آل عمران: ١٤] قَالَ: يَعْنِي الْمَضْرُوبَةَ حَتَّى صَارَتْ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ.
الْفَائِدَةُ الثَّامِنَةُ: فِي تَحْرِيرِ الدَّرَاهِمِ النُّقْرَةُ الَّتِي كَانَ يُتَعَامَلُ بِهَا فِي الْقَرْنِ الثَّامِنِ وَشَرَطَهَا أَرْبَابُ الدَّوْلَةِ الْقَلَاوُونِيَّةِ فِي أَوْقَافِهِمْ كشيخون، وصرغتمش، وَنَحْوِهِمَا، قَالَ الذهبي فِي تَارِيخِهِ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَسِتِّمِائَةٍ: أَمَرَ الْخَلِيفَةُ الْمُسْتَنْصِرُ بِضَرْبِ الدَّرَاهِمِ الْفِضَّةِ لِيُتَعَامَلَ بِهَا بَدَلًا عَنْ قُرَاضَةِ الذَّهَبِ، فَجَلَسَ الْوَزِيرُ وَأَحْضَرَ الْوُلَاةَ وَالتُّجَّارَ وَالصَّيَارِفَةَ وَفُرِشَتِ الْأَنْطَاعُ وَأُفْرِغَ عَلَيْهَا الدَّرَاهِمُ، وَقَالَ الْوَزِيرُ: قَدْ رَسَمَ مَوْلَانَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ بِمُعَامَلَتِكُمْ بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ عِوَضًا عَنْ قُرَاضَةِ الذَّهَبِ رِفْقًا بِكُمْ وَإِنْقَاذًا لَكُمْ مِنَ التَّعَامُلِ بِالْحَرَامِ مِنَ الصَّرْفِ الرِّبَوِيِّ فَأَعْلِنُوا بِالدُّعَاءِ، ثُمَّ أُدِيرَتْ بِالْعِرَاقِ وَسُعِّرَتْ كُلُّ عَشَرَةٍ بِدِينَارٍ، فَقَالَ الموفق أبو المعالي بن أبي الحديد الشَّاعِرُ فِي ذَلِكَ:
لَا عَدِمْنَا جَمِيلَ رَأْيِكَ فِينَا ... أَنْتَ بَاعَدْتَنَا عَنِ التَّطْفِيفِ
وَرَسَمْتَ اللُّجَيْنَ حَتَّى أَلِفْنَا ... هُ وَمَا كَانَ قَبْلُ بِالْمَأْلُوفِ
لَيْسَ لِلْجَمْعِ كَانَ مَنْعُكَ لِلصَّرْ ... فِ وَلَكِنْ لِلْعَدْلِ وَالتَّعْرِيفِ
وَقَالَ ابن كثير فِي تَارِيخِهِ: فِي سَنَةِ سِتٍّ وَخَمْسِينَ وَسَبْعِمِائَةٍ رَسَمَ السلطان الملك الناصر حسن بِضَرْبِ فُلُوسٍ جُدُدٍ عَلَى قَدْرِ الدِّينَارِ وَوَزْنِهِ وَجَعَلَ كُلَّ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ فِلْسًا بِدِرْهَمٍ، وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ الْفُلُوسُ الْعِتْقُ كُلُّ رِطْلٍ وَنِصْفٍ بِدِرْهَمٍ. وَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ الدَّرَاهِمَ النُّقْرَةَ كَانَ سِعْرُهَا كُلُّ دِرْهَمٍ ثُلُثَا رِطْلٍ مِنَ الْفُلُوسِ، كَمَا أَنَّ مَا قَالَهُ الذهبي صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ كَانَ سِعْرُهَا حِينَ ضُرِبَتْ كُلُّ دِرْهَمٍ عُشْرُ دِينَارٍ. وَقَالَ الْحَافِظُ ابن
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute