شَافِعِيٌّ فَذَاكَ، وَإِلَّا فَمَعْنَاهُ أَمْرَانِ: أَحَدُهُمَا ثُبُوتُ الْوَقْفِ بِمَا ذُكِرَ، وَمَا ثَبَتَ وَقْفُهُ قَدِيمًا لَا يُتَعَرَّضُ لَهُ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ وُقُوعُهُ مُسْتَجْمِعًا لِلشَّرَائِطِ، وَالثَّانِي: حُكْمُ الشَّافِعِيِّ الْمُتَأَخِّرُ، وَأَمْرٌ ثَالِثٌ: وَهُوَ أَنَّ بَعْضَ الْمُتَأَخِّرِينَ ذَكَرَ أَنَّ أَمْرَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَفِعْلَهُ يَرْفَعَانِ الْخِلَافَ كَحُكْمِ الْحَاكِمِ تَفْخِيمًا لِشَأْنِهِ، وَنَصَّ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ السُّلْطَانَ صَلَاحَ الدِّينِ مَا وَقَفَ الَّذِي وَقَفَهُ حَتَّى أَفْتَاهُ بِذَلِكَ عُلَمَاءُ عَصْرِهِ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ، وَالْحَنَفِيَّةِ، وَالْحَنَابِلَةِ، وَلَوْلَا إِرَادَةُ الِاخْتِصَارِ لَسُقْتُ عِبَارَاتِهِمْ فِي ذَلِكَ.
مَسْأَلَةٌ: إِذَا ثَبَتَ وَقْفِيَةُ عَيْنٍ وَلَمْ يُعْلَمْ مَآلُ الْوَقْفِ، وَقُلْنَا إِنَّهُ يُصْرَفُ إِلَى أَقْرَبِ النَّاسِ إِلَى الْوَاقِفِ هَلْ يَخْتَصُّ بِهِ الْفُقَرَاءُ دُونَ الْأَغْنِيَاءِ أَمْ يَشْتَرِكُونَ فِيهِ؟ .
الْجَوَابُ: يَخْتَصُّ بِهِ الْفُقَرَاءُ مِنْ أَقَارِبِهِ عَلَى الْأَصَحِّ، فَإِنْ كَانُوا كُلُّهُمْ أَغْنِيَاءَ صُرِفَ إِلَيْهِمْ.
مَسْأَلَةٌ: رَجُلٌ وَقَفَ مُصْحَفًا عَلَى مَنْ يَقْرَأُ فِيهِ كُلَّ يَوْمٍ حِزْبًا وَيَدْعُو لَهُ وَجَعَلَ لَهُ عَلَى ذَلِكَ مَعْلُومًا مِنْ عَقَارٍ وَقَفَهُ لِذَلِكَ، فَأَقَامَ الْقَارِئُ مُدَّةً يَتَنَاوَلُ الْمَعْلُومَ وَلَمْ يَقْرَأْ شَيْئًا ثُمَّ أَرَادَ التَّوْبَةَ فَمَا طَرِيقُهُ؟ .
الْجَوَابُ: طَرِيقُهُ أَنْ يَحْسِبَ الْأَيَّامَ الَّتِي لَمْ يَقْرَأْ فِيهَا وَيَقْرَأُ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ حِزْبًا، وَيَدْعُو عَقِبَ كُلِّ حِزْبٍ لِلْوَاقِفِ حَتَّى يُوَفِّيَ ذَلِكَ.
مَسْأَلَةٌ: وَاقِفٌ وَقَفَ مَدْرَسَةً وَقَرَّرَ بِهَا شَيْخًا وَصُوفِيَّةً فَهَلْ يَجُوزُ لِلنَّاظِرِ أَنْ يُقَرِّرَ فِي الْمَشْيَخَةِ اثْنَيْنِ؟ وَهَلْ يَجُوزُ لِلشَّيْخِ الِاسْتِنَابَةُ إِذَا كَانَ بِهِ ضَعْفٌ فِي بَدَنِهِ، أَوْ كَانَ لَهُ وَظِيفَةٌ أُخْرَى تُعَارِضُ هَذِهِ الْوَظِيفَةَ؟ .
الْجَوَابُ: أَوْقَافُ السَّلَاطِينِ وَالْأُمَرَاءِ كُلُّهَا أَصْلُهَا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ أَوْ رَاجِعَةٌ إِلَيْهِ، فَيَجُوزُ لِمَنْ كَانَ بِصِفَةِ الِاسْتِحْقَاقِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ مِنْ عَالِمٍ بِالْعُلُومِ الشَّرْعِيَّةِ، وَطَالِبِ عِلْمٍ كَذَلِكَ، وَصُوفِيٍّ عَلَى طَرِيقِ الصُّوفِيَّةِ أَهْلِ السُّنَّةِ، وَنَسِيبٍ مِنْ آلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ يَأْكُلَ مِمَّا وَقَفُوهُ غَيْرَ مُتَقَيِّدٍ بِمَا شَرَطُوهُ، وَيَجُوزُ -وَالْحَالَةُ هَذِهِ - الِاسْتِنَابَةُ لِعُذْرٍ وَغَيْرِهِ وَتَنَاوُلُ الْمَعْلُومِ وَإِنْ لَمْ يُبَاشِرْ وَلَا اسْتَنَابَ، وَاشْتِرَاكُ اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ فِي الْوَظِيفَةِ الْوَاحِدَةِ، وَأَخْذُ الْوَاحِدِ عِدَّةَ وَظَائِفَ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ بِصِفَةِ الِاسْتِحْقَاقِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ لَمْ يَحِلَّ لَهُ الْأَكْلُ مِنْ هَذَا الْوَقْفِ، وَلَوْ قَرَّرَهُ النَّاظِرُ وَبَاشَرَ الْوَظِيفَةَ؛ لِأَنَّ هَذَا مَالُ بَيْتِ الْمَالِ لَا يَتَحَوَّلُ عَنْ حُكْمِهِ الشَّرْعِيِّ بِجَعْلِ أَحَدٍ، وَمَا يَتَوَهَّمُهُ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ مِنْ دُخُولِهِ فِي مِلْكِ الَّذِي وَقَفَهُ فَهُوَ تَوَهُّمٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute