للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَشْتَهِي أَحَدًا مِنَ الْفُقَهَاءِ يُقَلِّدُنِي فِي ذَلِكَ بَلْ يَنْظُرُ لِنَفْسِهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. كَتَبَهُ علي السبكي الشافعي فِي لَيْلَةِ الثُّلَاثَاءِ رَابِعِ ذِي الْقَعْدَةِ سَنَةَ إِحْدَى وَسَبْعِمِائَةٍ.

قَالَ السبكي: فَذَكَرَ السَّائِلُ أَنَّهُ لَمْ يَتَبَيَّنْ لَهُ هَذَا الْجَوَابُ بَعْدَ أَنْ أَقَامَ يَنْظُرُ فِيهِ أَيَّامًا، فَكَتَبْتُ بَيَانَ ذَلِكَ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ: إِنَّهُ لَمَّا تُوُفِّيَ عَبْدُ الْقَادِرِ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ إِلَى أَوْلَادِهِ الثَّلَاثَةِ وَهُمْ عُمَرُ وَعَلِيٌّ وَلَطِيفَةُ بَيْنَهُمْ، لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ: لِعَلِيٍّ خُمُسَاهُ وَلِعُمَرَ خُمُسُهُ وَلِلَطِيفَةَ خُمُسُهُ، هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ عِنْدَنَا، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: يُشَارِكُهُمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَمَلِكَةُ وَلَدَا مُحَمَّدٍ الْمُتَوَفَّى فِي حَيَاةِ أَبِيهِ وَنَزَلَا مَنْزِلَةَ أَبِيهِمَا، فَيَكُونُ لَهُمَا السُّبُعَانِ، وَلِعَلِيٍّ السُّبُعَانِ، وَلِعُمَرَ السُّبُعَانِ وَلِلَطِيفَةَ السُّبُعُ، وَهَذَا وَإِنْ كَانَ مُحْتَمَلًا فَهُوَ مَرْجُوحٌ عِنْدَنَا؛ لِأَنَّ الْمُمْكِنَ فِي مَأْخَذِهِ ثَلَاثَةُ أُمُورٍ: أَحَدُهَا يَزْعُمُهُ بَعْضُ الْحَنَابِلَةِ أَنَّ مَقْصُودَ الْوَاقِفِ أَنْ لَا يَحْرِمَ أَحَدًا مِنْ ذُرِّيَّتِهِ، وَهَذَا ضَعِيفٌ؛ لِأَنَّ الْمَقَاصِدَ إِذَا لَمْ يَدُلَّ عَلَيْهَا اللَّفْظُ لَا تُعْتَبَرُ.

الثَّانِي: إِدْخَالُهُمْ فِي الْحُكْمِ وَجَعْلُ التَّرْتِيبِ بَيْنَ كُلِّ أَصْلٍ وَفَرْعِهِ لَا بَيْنَ الطَّبَقَتَيْنِ جَمِيعًا، وَهَذَا مُحْتَمَلٌ لَكِنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ، وَقَدْ كُنْتُ مَرَّةً مِلْتُ إِلَيْهِ فِي وَقْفِ الطُّنْبَا لِلَفْظٍ اقْتَضَاهُ فِيهِ لَسْتُ أَعُمُّهُ فِي كُلِّ تَرْتِيبٍ.

الثَّالِثُ: الِاسْتِنَادُ إِلَى قَوْلِ الْوَاقِفِ أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ قَبْلَ اسْتِحْقَاقِهِ لِشَيْءٍ قَامَ وَلَدُهُ مَقَامَهُ، وَهَذَا الِاسْتِنَادُ لَا يَتِمُّ، وَقَدْ تَعَرَّضَ السبكي لِهَذَا السُّؤَالِ الْأَخِيرِ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ، وَقَالَ بَعْدَ أَنْ سَاقَ صُورَةَ السُّؤَالِ: لَمَّا تُوُفِّيَ عَبْدُ الْقَادِرِ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ إِلَى أَوْلَادِهِ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَلَطِيفَةَ: لِعَلِيٍّ خُمُسَاهُ وَلِعُمَرَ خُمُسَاهُ وَلِلَطِيفَةَ خُمُسُهُ، وَلَا يُشَارِكُهُمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَمَلِكَةُ وَلَدَا مُحَمَّدٍ، عَلَى الرَّأْيِ الْأَرْجَحِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ بِمُشَارَكَتِهِمَا لَهُمْ، إِمَّا لِمَا يَزْعُمُهُ بَعْضُ الْحَنَابِلَةِ أَنَّ مَقْصُودَ الْوَاقِفِ أَنَّ ذُرِّيَّتَهُ لَا تُحْرَمُ جَعَلَ التَّرْتِيبَ بَيْنَ كُلِّ أَصْلٍ وَفَرْعِهِ لَا بَيْنَ الطَّبَقَتَيْنِ، وَإِمَّا لِأَنَّ وَالِدَهُمَا مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ فِي حَيَاةِ وَالِدِهِ، وَالْكُلُّ ضَعِيفٌ - هَذَا لَفْظُهُ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ.

وَسُئِلَ الشَّيْخُ ولي الدين العراقي عَمَّنْ وَقَفَ وَقْفًا عَلَى أَوْلَادِهِ عَلَى أَنَّ مَنْ تُوُفِّيَ مِنْ ذُكُورِهِمُ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ إِلَى أَوْلَادِهِ، ثُمَّ إِلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِهِ، ثُمَّ إِلَى نَسْلِهِ وَعَقِبِهِ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ مِنْ وَلَدِ الظَّهْرِ خَاصَّةً دُونَ وَلَدِ الْبَطْنِ، تَحْجُبُ الطَّبَقَةُ الْعُلْيَا مِنْهُمْ أَبَدًا الطَّبَقَةَ السُّفْلَى، عَلَى أَنَّ مَنْ تُوُفِّيَ مِنْ أَوْلَادِ الظَّهْرِ الْمَذْكُورِينَ وَتَرَكَ وَلَدًا أَوْ وَلَدَ وَلَدٍ أَوْ أَسْفَلَ مِنْ ذَلِكَ، انْتَقَلَ نَصِيبُهُ إِلَى وَلَدِهِ، ثُمَّ إِلَى وَلَدِ وَلَدِهِ، ثُمَّ إِلَى نَسْلِهِ وَعَقِبِهِ مَنْ وَلَدِ الظَّهْرِ خَاصَّةً، فَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ وَلَدًا وَلَا نَسْلًا وَلَا عَقِبًا انْتَقَلَ نَصِيبُهُ إِلَى إِخْوَتِهِ وَأَخَوَاتِهِ وَكَانَ مَنْ تُوُفِّيَتْ مِنَ الْإِنَاثِ مِنْ أَوْلَادِ الْوَاقِفِ وَمِنْ بَقِيَّةِ أَوْلَادِ الظَّهْرِ مِنْ نَسْلِهِ، انْتَقَلَ نَصِيبُهَا إِلَى إِخْوَتِهَا وَأَخَوَاتِهَا، فَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ وَلَدًا غَيْرَهُنَّ مِنْ وَلَدِ الظَّهْرِ وَلَا أَخًا وَلَا أُخْتًا، أَوْ لَمْ تَتْرُكِ الْمُتَوَفَّاةُ مِنَ الْإِنَاثِ مِنْهُمْ أَخًا وَلَا أُخْتًا مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>