للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَتْحُ الْمَطْلَبِ الْمَبْرُورِ وَبَرَدُ الْكَبِدِ الْمَحْرُورِ

فِي الْجَوَابِ عَنِ الْأَسْئِلَةِ الْوَارِدَةِ مِنَ التَّكْرُورِ

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

مِنَ الْفَقِيرِ عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد بن أبي بكر بن عثمان بن محمد بن خضر بن أيوب بن محمد بن همام الخضيري السيوطي الشافعي إِلَى حَبِيبِهِ وَأَخِيهِ فِي اللَّهِ الشَّيْخِ الْعَالِمِ الصَّالِحِ شمس الدين محمد بن محمد بن علي اللمتوني أَعَزَّهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي الدَّارَيْنِ وَأَزَالَ عَنْ قَلْبِهِ كُلَّ رَيْنٍ، سَلَامٌ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ وَعَلَى وَلَدِكَ وَأَهْلِكَ وَمَنْ يَلُوذُ بِكَ.

أَمَّا بَعْدُ: فَإِنِّي أَحْمَدُ اللَّهَ إِلَيْكَ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، وَأُصَلِّي وَأُسَلِّمُ عَلَى نَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ إِنَّهُ قَدْ وَرَدَتْ عَلَيَّ أَسْئِلَتُكَ الْمُفِيدَةُ الَّتِي سَمَّيْتَهَا مَطْلَبَ الْجَوَابِ.

وَهَذِهِ أَجْوِبَتُهَا سَمَّيْتُهَا (فَتْحَ الْمَطْلَبِ الْمَبْرُورِ وَبَرَدَ الْكَبِدِ الْمَحْرُورِ فِي الْجَوَابِ عَنِ الْأَسْئِلَةِ الْوَارِدَةِ مَنِ التَّكْرُورِ) فَاعْلَمْ أَنَّ جَمِيعَ مَا سَأَلْتَ عَنْهُ فِي هَذِهِ الْفُصُولِ مِنْ فِعْلِ الْمُلُوكِ وَالرَّعِيَّةِ لِلْأَشْيَاءِ الَّتِي وَصَفْتَهَا كُلُّهَا مَذْمُومَةٌ وَمُحَرَّمَةٌ شَرْعًا إِلَّا مَا اسْتَثْنَيْتُهُ لَكَ، وَبَعْضُهُ أَشَدُّ فِي الْحُرْمَةِ مِنْ بَعْضٍ، وَبَعْضُهَا مُقْتَضٍ لِلْكُفْرِ، وَهُوَ مَا ذَكَرْتَ عَنْ قَوْمٍ أَنَّهُمْ يَذْبَحُونَ لِلْأَصْنَامِ وَيَعْبُدُونَهَا، وَقَوْمٍ أَنَّهُمْ يَجْحَدُونَ الْبَعْثَ وَالْحِسَابَ وَالثَّوَابَ وَالْعِقَابَ، وَقَوْمٍ أَنَّهُمْ يَسْجُدُونَ لِمُلُوكِهِمْ. فَهَذَا كُلُّهُ كُفْرٌ، وَالْبَاقِي مُحَرَّمٌ لَا يَقْتَضِي الْكُفْرَ إِلَّا مَا يُسْتَثْنَى، وَالْقَدْرُ الْمُسْتَثْنَى مِنَ التَّحْرِيمِ مَنْ حِرْفَتُهُ أَنْ يَكُونَ جَالِسًا حَتَّى يَجِيءَ أَوَانُ الطَّعَامِ، فَيَحْضُرَ وَيُسَلِّمَ وَيَأْكُلَ، وَمَنْ حِرْفَتُهُ أَنْ يَنْكِحَ الْمُطَلَّقَاتِ الثَّلَاثِ فَيُحَلِّلُهُنَّ لِأَزْوَاجِهِنَّ حَيْثُ لَمْ يُصَرِّحْ بِذَلِكَ لَفْظًا فِي الْعَقْدِ، وَمَنْ حِرْفَتُهُ أَنْ يَجْعَلَ نَفْسَهُ كَالْمَجْنُونِ يُضْحِكُ النَّاسَ، وَمَنْ حِرْفَتُهُ السُّؤَالُ، وَمَنْ حِرْفَتُهُ نِكَاحُ النِّسَاءِ الْكَثِيرَاتِ الْأَمْوَالِ وَيَعِيشُ فِي رِزْقِهِنَّ، وَمَنْ حِرْفَتُهُ الصَّيْدُ، وَمَنْ حِرْفَتُهُ أَنْ يَكُونَ مَعَ الْأُمَرَاءِ فَيَقْضِي لِلنَّاسِ حَوَائِجَهُمْ وَيَرْتَزِقُ بِذَلِكَ، وَمَنْ حِرْفَتُهُ التَّحْدِيثُ وَالْقَصَصُ وَرِوَايَةُ الْأَخْبَارِ الْحَقِّ بِخِلَافِ الْكَذِبِ، وَمَنْ يَأْخُذُ إِبِلَ قَوْمٍ لِلسَّفَرِ ثُمَّ إِذَا رَجَعَ أَرْضَاهُمْ بِشَيْءٍ وَلَمْ يَشْتَرِطْ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ شَيْئًا، وَمَنْ يَكُونُ عِنْدَ الْجُهَّالِ يَؤُمُّهُمْ وَيَأْكُلُ مَعَهُمْ وَيَشْرَبُ، وَمَنْ يُقْرِئُ الصِّبْيَانَ فَإِذَا خَتَمَ وَاحِدٌ دَارَ بِهِ الْبَلَدَ فَيُعْطَى عَلَيْهِ مَا يُعْطَى، وَمَنْ يَكْتُبُ لِلنَّاسِ الرُّقَى إِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهَا مَذْمُومٌ شَرْعًا، وَمَنْ لَا يُزَوِّجُ إِلَّا صَاحِبَ نَسَبٍ وَحَسَبٍ وَمَالٍ فَكُلُّ هَذِهِ الصُّوَرِ لَيْسَتْ بِمُحَرَّمَةٍ، لَكِنَّ بَعْضَهَا مَكْرُوهٌ كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ وَبَعْضَهَا مُبَاحٌ.

وَبَقِيَ مِنَ الْأَسْئِلَةِ مَا يُذْكَرُ جَوَابُهُ فَمِنْهَا مَنْ سَكَتَ عَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>