للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فِي مَسْأَلَةٍ فَلَيْسَ لَهُ تَقْلِيدُ غَيْرِهِ فِيهَا اتِّفَاقًا، وَيَجُوزُ ذَلِكَ فِي حُكْمٍ آخَرَ عَلَى الْمُخْتَارِ، فَلَوِ الْتَزَمَ مَذْهَبًا مُعَيَّنًا فَفِي الرُّجُوعِ إِلَى غَيْرِهِ مِنَ الْمَذَاهِبِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ؛ ثَالِثُهَا: يَجُوزُ الرُّجُوعُ فِيمَا لَمْ يَعْمَلْ بِهِ وَلَا يَجُوزُ فِي غَيْرِهِ، هَلْ مَعْنَاهُ امْتِنَاعُ التَّقْلِيدِ فِيمَا تَقَدَّمَ السُّؤَالُ عَنْهُ أَمْ لَا؟ وَمَا الرَّاجِحُ مِنَ الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ؟ ، وَكَذَلِكَ قَوْلُ الشَّيْخِ جلال الدين المحلي فِي شَرْحِ جَمْعِ الْجَوَامِعِ: وَإِذَا عَمِلَ الْعَامِّيُّ بِقَوْلِ مُجْتَهِدٍ فِي حَادِثَةٍ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَنْهُ إِلَى غَيْرِهِ فِي مِثْلِهَا ; لِأَنَّهُ قَدِ الْتَزَمَ ذَلِكَ الْقَوْلَ بِالْعَمَلِ بِهِ - إِلَى أَنْ قَالَ: وَالْأَصَحُّ جَوَازُهُ أَيْ جَوَازُ الرُّجُوعِ إِلَى غَيْرِهِ فِي حُكْمٍ آخَرَ - إِلَى أَنْ قَالَ: الْأَصَحُّ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْعَامِّيِّ وَغَيْرِهِ مِمَّنْ لَمْ يَبْلُغْ رُتْبَةَ الِاجْتِهَادِ الْتِزَامُ مَذْهَبٍ مُعَيَّنٍ، ثُمَّ قَالَ: فِي خُرُوجِهِ عَنْهُ أَقْوَالٌ ثَالِثُهَا لَا يَجُوزُ فِي بَعْضِ الْمَسَائِلِ، وَيَجُوزُ فِي بَعْضٍ تَوَسُّطًا بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ فِي الْجَوَازِ فِي غَيْرِ مَا عَمِلَ بِهِ أَخْذًا مِمَّا تَقَدَّمَ فِي عَمَلِ غَيْرِ الْمُلْتَزِمِ، فَإِنَّهُ إِذَا لَمْ يَجُزْ لَهُ الرُّجُوعُ قَالَ ابن الحاجب كالآمدي اتِّفَاقًا، فَالْمُلْتَزِمُ أَوْلَى بِذَلِكَ، وَقَدْ حَكَيَا فِيهِ الْجَوَازَ فَيُقَيَّدُ بِمَا قُلْنَاهُ انْتَهَى، وَإِذَا قُلْتُمْ بِامْتِنَاعِ التَّقْلِيدِ فِي الْمَسْئُولِ عَنْهُ وَهِيَ الْمَسَائِلُ الَّتِي عَمِلَ بِهَا فَكَيْفَ يَلْتَئِمُ ذَلِكَ مَعَ مَا قَالَ الكمال الدميري فِي شَرْحِهِ فِي الْقَضَاءِ؟ : فَرْعٌ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ لِلْمُجْتَهِدِ مَذْهَبٌ مُدَوَّنٌ، وَإِذَا دُوِّنَتِ الْمَذَاهِبُ فَهَلْ يَجُوزُ لِلْمُقَلِّدِ أَنْ يَنْتَقِلَ مِنْ مَذْهَبٍ إِلَى مَذْهَبٍ؟ الْأَصَحُّ: الْجَوَازُ كَمَا لَوْ قَلَّدَ فِي الْقِبْلَةِ هَذَا أَيَّامًا انْتَهَى، وَإِطْلَاقُهُ شَامِلٌ لَمَا عَمِلَ بِهِ وَمَا لَمْ يَعْمَلْ بِهِ، وَالْمَسْئُولُ إِيضَاحُ ذَلِكَ.

الْجَوَابُ: الْأَصَحُّ جَوَازُ الِانْتِقَالِ مُطْلَقًا فِيمَا عَمِلَ بِهِ وَفِيمَا لَمْ يَعْمَلْ بِهِ، كَذَا صَحَّحَهُ الرافعي وَهُوَ الْمَنْقُولُ فِي السُّؤَالِ عَنِ الدميري لَكِنْ بِشَرْطِ عَدَمِ تَتَبُّعِ الرُّخَصِ، وَهِيَ مَسْأَلَةٌ غَيْرُ الَّتِي حَكَى فِيهَا الْمَنْعَ اتِّفَاقًا ; وَلِذَا جَمَعَ الْأُصُولِيُّونَ بَيْنَهُمَا فَحَكَوُا الِاتِّفَاقَ فِي هَذِهِ وَحَكَوُا الْخِلَافَ فِي تِلْكَ، وَمِنْ جُمْلَةِ قَوْلِ التَّفْصِيلِ وَالْفَرْقِ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ أَنَّ تِلْكَ فِي التَّمَذْهُبِ بِمَذْهَبٍ مُعَيَّنٍ، وَإِرَادَةِ الِانْتِقَالِ عَنْهُ بَعْدَ الْعَمَلِ بِهِ أَوْ بِبَعْضِهِ، وَمَسْأَلَةُ الْمَنْعِ اتِّفَاقًا فِيمَنِ اسْتَفْتَى فِي حَادِثَةٍ مُجْتَهِدًا فَأَفْتَاهُ وَعَمِلَ بِقَوْلِهِ، ثُمَّ وَقَعَتْ لَهُ مَرَّةً أُخْرَى، وَحَاصِلُ الْفَرْقِ أَنَّ فِي هَذِهِ تَقْلِيدًا فِي جُزْئِيَّةٍ مُعَيَّنَةٍ خَاصَّةٍ، وَتِلْكَ فِيهَا تَقْلِيدٌ كُلِّيٌّ عَلَى سَبِيلِ الْإِجْمَالِ لَا التَّفْصِيلِ، إِذَا تَقَرَّرَ هَذَا فَمُقَلِّدُ الشَّافِعِيِّ إِذَا غَسَلَ نَجَاسَةَ الْكَلْبِ عَلَى مَذْهَبِهِ، وَأَرَادَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يَنْتَقِلَ وَيُقَلِّدَ غَيْرَهُ فِيهَا فَلَهُ ذَلِكَ، لَكِنْ بِشَرْطِ مُرَاعَاةِ ذَلِكَ الْمَذْهَبِ فِي جَمِيعِ شُرُوطِ الطَّهَارَةِ وَالصَّلَاةِ مِنْ مَسْحِ كُلِّ الرَّأْسِ أَوِ الرُّبُعِ وَالدَّلْكِ، وَمُرَاعَاةِ التَّرْتِيبِ فِي قَضَاءِ الصَّلَوَاتِ، فَإِنْ أَخَلَّ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ كَانَتْ صَلَاتُهُ بَاطِلَةً بِاتِّفَاقِ الْمَذْهَبَيْنِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>