للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِهِمْ ثَمَانِ رَكَعَاتٍ وَالْوَتْرَ، ثُمَّ انْتَظَرُوهُ فِي الْقَابِلَةِ فَلَمْ يَخْرُجْ إِلَيْهِمْ» . رَوَاهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحَيْهِمَا. وَقَالَ السبكي فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ: اعْلَمْ أَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ كَمْ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تِلْكَ اللَّيَالِيَ، هَلْ هُوَ عِشْرُونَ أَوْ أَقَلُّ، قَالَ: وَمَذْهَبُنَا أَنَّ التَّرَاوِيحَ عِشْرُونَ رَكْعَةً ; لِمَا رَوَى الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ بِالْإِسْنَادِ الصَّحِيحِ عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ الصَّحَابِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كُنَّا نَقُومُ عَلَى عَهْدِ عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِعِشْرِينَ رَكْعَةً وَالْوَتْرِ، هَكَذَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَاسْتَدَلَّ بِهِ، وَرَأَيْتُ إِسْنَادَهُ فِي الْبَيْهَقِيِّ، لَكِنْ فِي الْمُوَطَّأِ وَفِي مُصَنَّفِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ بِسَنَدٍ فِي غَايَةِ الصِّحَّةِ عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ: إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً. وَقَالَ الجوري مِنْ أَصْحَابِنَا: عَنْ مالك أَنَّهُ قَالَ: الَّذِي جَمَعَ عَلَيْهِ النَّاسَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَحَبُّ إِلَيَّ، وَهُوَ إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، وَهِيَ صَلَاةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قِيلَ لَهُ: إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً بِالْوَتْرِ؟ قَالَ: نَعَمْ وَثَلَاثَ عَشْرَةَ قَرِيبٌ، قَالَ: وَلَا أَدْرِي مِنْ أَيْنَ أُحْدِثَ هَذَا الرُّكُوعُ الْكَثِيرُ؟ وَقَالَ الجوري: إِنَّ عَدَدَ الرَّكَعَاتِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ لَا حَدَّ لَهُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ; لِأَنَّهُ نَافِلَةٌ، وَرَأَيْتُ فِي كِتَابِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ آثَارًا فِي صَلَاةِ عِشْرِينَ رَكْعَةً وَسِتٍّ وَثَلَاثِينَ رَكْعَةً، لَكِنَّهَا بَعْدَ زَمَانِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَمَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ إِلَى رِوَايَةِ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ بِالْوَتْرِ، وَأَنَّ رِوَايَةَ مالك فِي إِحْدَى عَشْرَةَ وَهْمٌ، وَقَالَ: إِنَّ غَيْرَ مالك يُخَالِفُهُ وَيَقُولُ: إِحْدَى وَعِشْرِينَ، قَالَ: وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا قَالَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ: إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، غَيْرَ مالك، وَكَأَنَّهُ لَمْ يَقِفْ عَلَى مُصَنَّفِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ فِي ذَلِكَ فَإِنَّهُ رَوَاهَا كَمَا رَوَاهَا مالك عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ محمد بن يوسف شَيْخِ مالك، فَقَدْ تَضَافَرَ مالك وعبد العزيز الدراوردي عَلَى رِوَايَتِهَا، إِلَّا أَنَّ هَذَا أَمْرٌ يَسْهُلُ الْخِلَافُ فِيهِ ; فَإِنَّ ذَلِكَ مِنَ النَّوَافِلِ؛ مَنْ شَاءَ أَقَلَّ وَمَنْ شَاءَ أَكْثَرَ، وَلَعَلَّهُمْ فِي وَقْتٍ اخْتَارُوا تَطْوِيلَ الْقِيَامِ عَلَى عَدَدِ الرَّكَعَاتِ فَجَعَلُوهَا إِحْدَى عَشْرَةَ، وَفِي وَقْتٍ اخْتَارُوا عَدَدَ الرَّكَعَاتِ فَجَعَلُوهَا عِشْرِينَ، وَقَدِ اسْتَقَرَّ الْعَمَلُ عَلَى هَذَا. انْتَهَى كَلَامُ السبكي.

<<  <  ج: ص:  >  >>