للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ، وَقَالَ عمرو بن علي: كَانَ يحيى لَا يُحَدِّثُ عَنْ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ، وَقَالَ أبو معمر القطيعي: كَانَ ابْنُ عُيَيْنَةَ يُضَعِّفُ لَيْثَ بْنَ أَبِي سُلَيْمٍ، وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ: قُلْتُ لسفيان: إِنَّ ليثا رَوَى عَنْ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَوَضَّأُ، فَأَنْكَرَ ذَلِكَ سفيان وَعَجِبَ مِنْهُ أَنْ يَكُونَ جَدُّ طلحة لَقِيَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الطَّنَافِسِيُّ: سَأَلْتُ وكيعا عَنْ حَدِيثٍ مِنْ حَدِيثِ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ، فَقَالَ: ليث ليث كَانَ سفيان لَا يُسَمَّى ليثا، وَقَالَ قبيصة، قَالَ شُعْبَةُ لِلَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ: أَيْنَ اجْتَمَعَ لَكَ عطاء، وطاووس، وَمُجَاهِدٌ؟ فَقَالَ: إِذْ أَبُوكَ يُضْرَبُ بِالْخُفِّ لَيْلَةَ عُرْسِهِ فَمَا زَالَ شُعْبَةُ مُتَّقِيًا لليث مُذْ يَوْمِئِذٍ، وَقَالَ أبو حاتم: أَقُولُ فِي ليث كَمَا قَالَ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَمِعْتُ أَبِي، وأبا زرعة يَقُولَانِ: ليث لَا يُشْتَغَلُ بِهِ وَهُوَ مُضْطَرِبُ الْحَدِيثِ، وَقَالَ أبو زرعة أَيْضًا: ليث لَا تَقُومُ بِهِ الْحُجَّةُ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ، وَقَالَ مؤمل بن الفضل: قُلْنَا لِعِيسَى بْنِ يُونُسَ: لَمْ تَسْمَعْ مِنْ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ؟ قَالَ: قَدْ رَأَيْتُهُ وَكَانَ قَدِ اخْتَلَطَ وَكَانَ يَصْعَدُ الْمَنَارَةَ ارْتِفَاعَ النَّهَارِ فَيُؤَذِّنُ، وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: اخْتَلَطَ فِي آخِرِ عُمْرِهِ.

هَذَا مَجْمُوعُ كَلَامِ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ فِي تَخْرِيجِهِ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ كَانَ فِي حَالِ صِحَّةِ عَقْلِهِ كَثِيرَ التَّخْلِيطِ فِي حَدِيثِهِ بِحَيْثُ جُرِحَ بِسَبَبِ ذَلِكَ، ثُمَّ طَرَأَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ الِاخْتِلَاطُ فِي عَقْلِهِ فَازْدَادَ حَالُهُ سُوءًا، وَحُكْمُ الْمُخْتَلِطُ الَّذِي كَانَ قَبْلَ اخْتِلَاطِهِ مِنَ الثِّقَاتِ الْحُفَّاظِ الْمُحْتَجِّ بِهِمْ أَنَّ مَا رَوَاهُ بَعْدَ اخْتِلَاطِهِ يُرَدُّ، وَكَذَا مَا شُكَّ فِيهِ هَلْ رَوَاهُ قَبْلَ الِاخْتِلَاطِ أَوْ بَعْدَهُ فَإِنَّهُ مَرْدُودٌ.

فَإِذَا كَانَ هَذَا حُكْمُ مَنِ اخْتَلَطَ مِنَ الثِّقَاتِ الْحُفَّاظِ الَّذِينَ يُحْتَجُّ بِهِمْ فَكَيْفَ بِمَنِ اخْتَلَطَ مِنَ الضُّعَفَاءِ الْمَجْرُوحِينَ الَّذِينَ لَا يُحْتَجُّ بِهِمْ قَبْلَ طُرُوءِ الِاخْتِلَاطِ عَلَيْهِمْ؟ وَقَدْ جَرَتْ عَادَةُ الْحُفَّاظِ إِذَا تَرْجَمُوا أَحَدًا مِمَّنْ تُكِلِّمَ فِيهِ أَنْ يَسْرُدُوا فِي تَرْجَمَتِهِ كَثِيرًا مِنَ الْأَحَادِيثِ الَّتِي أُنْكِرَتْ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ لَهُ أَحَادِيثُ سِوَاهَا صَالِحَةٌ نَبَّهُوا عَلَى أَنَّ مَا عَدَا مَا سَرَدُوهُ مِنْ أَحَادِيثِهِ صَالِحٌ مَقْبُولٌ، خُصُوصًا إِذَا كَانَ ذَلِكَ الرَّجُلُ مِمَّنْ خُرِّجَ لَهُ فِي أَحَدِ الصَّحِيحَيْنِ فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ: إِنَّ صَاحِبَ الصَّحِيحِ لَمْ يُخَرِّجْ مِنْ حَدِيثِهِ إِلَّا مَا صَحَّ عِنْدَهُ مِنْ طَرِيقِ غَيْرِهِ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ قَبُولُ كُلِّ مَا رَوَاهُ، هَكَذَا نَصُّوا عَلَيْهِ. وَهَذَا الرَّجُلُ رَوَى لَهُ مُسْلِمٌ مَقْرُونًا بِأَبِي إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيِّ فَالْحُجَّةُ فِي رِوَايَةِ أبي إسحاق، وَالْحَدِيثُ الَّذِي خَرَّجَهُ صَحِيحٌ مِنْ طَرِيقِ أبي إسحاق، لَا مِنْ طَرِيقِ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ. وَلَمَّا تَرْجَمَهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي الْكَامِلِ سَرَدَ أَحَادِيثَهُ الَّتِي أُنْكِرَتْ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: لَهُ أَحَادِيثُ صَالِحَةٌ غَيْرُ مَا ذَكَرْتُ، وَكَذَا صَنَعَ الحافظ الذهبي فِي الْمِيزَانِ سَرَدَ لَهُ أَكْثَرَ مِنْ عَشَرَةِ أَحَادِيثَ أَنْكَرْتُ

<<  <  ج: ص:  >  >>