أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ» .
وَأَخْرَجَ الْبَزَّارُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: " «أَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أبي بكر أَنْ سُدَّ بَابَكَ قَالَ: سَمْعًا وَطَاعَةً فَسَدَّ بَابَهُ ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى عمر، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى العباس بِمِثْلِ ذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا أَنَا سَدَدْتُ أَبْوَابَكُمْ وَفَتَحْتُ بَابَ علي، وَلَكِنَّ اللَّهَ فَتَحَ بَابَ علي وَسَدَّ أَبْوَابَكُمْ» .
وَأَخْرَجَ الْبَزَّارُ عَنْ علي قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «انْطَلِقْ فَمُرْهُمْ فَلْيَسُدُّوا أَبْوَابَهُمْ فَانْطَلَقْتُ فَقُلْتُ لَهُمْ فَفَعَلُوا إِلَّا حمزة فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ فَعَلُوا إِلَّا حمزة، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قُلْ لحمزة فَلْيُحَوِّلْ بَابَهُ، فَقُلْتُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُكَ أَنْ تُحَوِّلَ بَابَكَ فَحَوَّلَهُ» .
وَأَخْرَجَ أحمد، وَالنَّسَائِيُّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «سَدَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبْوَابَ الْمَسْجِدِ غَيْرَ بَابِ علي، وَكَانَ يَدْخُلُ الْمَسْجِدَ وَهُوَ جُنُبٌ وَهُوَ طَرِيقُهُ لَيْسَ لَهُ طَرِيقٌ غَيْرُهُ» .
وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ: «أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَدِّ الْأَبْوَابِ كُلِّهَا غَيْرَ بَابِ علي فَقَالَ العباس: يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْرَ مَا أَدْخُلُ أَنَا وَحْدِي، وَأَخْرُجُ قَالَ: مَا أَمَرْتُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَسُدَّهَا كُلَّهَا غَيْرَ بَابِ علي» ، وَأَخْرَجَ النَّسَائِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ «عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ علي فَقَالَ: انْظُرْ إِلَى مَنْزِلِهِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّهُ سَدَّ أَبْوَابَنَا فِي الْمَسْجِدِ وَأَقَرَّ بَابَهُ» .
وَأَخْرَجَ أحمد مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «أُعْطِيَ علي ثَلَاثَ خِصَالٍ: زَوَّجَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِابْنَتِهِ وَوَلَدَتْ لَهُ، وَسَدَّ الْأَبْوَابَ إِلَّا بَابَهُ فِي الْمَسْجِدِ، وَأَعْطَاهُ الرَّايَةَ يَوْمَ خَيْبَرَ» ، فَهَذِهِ أَكْثَرُ مِنْ عِشْرِينَ حَدِيثًا فِي الْأَمْرِ بِسَدِّ الْأَبْوَابِ وَبَقِيَتْ أَحَادِيثُ أُخَرُ تَرَكْتُهَا كَرَاهَةَ الْإِطَالَةِ.
فَصْلٌ: قَالَ الْعُلَمَاءُ: لَا مُعَارَضَةَ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ مِنْ أَنَّهُ سَدَّ الْأَبْوَابَ إِلَّا بَابَ أبي بكر، وَبَيْنَ الْمَذْكُورَةِ فِي الْفَصْلِ الثَّانِي مِنْ أَنَّهُ سَدَّ الْأَبْوَابَ إِلَّا بَابَ علي، فَإِنَّهُمَا قِصَّتَانِ إِحْدَاهُمَا غَيْرُ الْأُخْرَى، فَقِصَّةُ علي كَانَتْ مُتَقَدِّمَةً وَهِيَ فِي سَدِّ الْأَبْوَابِ الشَّارِعَةِ، وَقَدْ كَانَ أَذِنَ لعلي أَنْ يَمُرَّ فِي الْمَسْجِدِ وَهُوَ جُنُبٌ، وَقِصَّةُ أبي بكر مُتَأَخِّرَةٌ فِي مَرَضِ الْوَفَاةِ فِي سَدِّ طَاقَاةٍ كَانُوا يَسْتَقْرِبُونَ الدُّخُولَ مِنْهَا وَهِيَ الْخَوْخُ، كَذَا جَمَعَ القاضي إسماعيل المالكي فِي أَحْكَامِهِ، وَالْكَلَابَاذِيُّ فِي مَعَانِيهِ، وَالطَّحَاوِيُّ فِي مُشْكِلِهِ، وَعِبَارَةُ الْكَلَابَاذِيِّ لَا تُعَارِضُ بَيْنَ قِصَّةِ علي وَقِصَّةِ أبي بكر ; لِأَنَّ بَابَ أبي بكر كَانَ مِنْ جُمْلَةِ خَوْخَاتٍ يَطَّلِعُ مِنْهَا إِلَى الْمَسْجِدِ وَأَبْوَابُ الْبُيُوتِ خَارِجَةٌ مِنَ الْمَسْجِدِ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَدِّ تِلْكَ الْخَوْخِ فَلَمْ تَبْقَ تُطَّلَعُ مِنْهَا إِلَى الْمَسْجِدِ وَتُرِكَتْ خَوْخَةُ أبي بكر
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute