عَلَى أَنَّ ابْنَ الشَّرِيفَةِ لَا يَكُونُ شَرِيفًا، وَلَوْ كَانَتِ الْخُصُوصِيَّةُ عَامَّةً فِي أَوْلَادِ بَنَاتِهِ، وَإِنْ سَفَلْنَ لَكَانَ ابْنُ كُلِّ شَرِيفَةٍ شَرِيفًا تَحْرُمُ عَلَيْهِ الصَّدَقَةُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَبُوهُ كَذَلِكَ، كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ، وَلِهَذَا حَكَمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ لِابْنَيْ فاطمة دُونَ غَيْرِهَا مِنْ بَنَاتِهِ ; لِأَنَّ أُخْتَهَا زينب بنت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ تُعْقِبْ ذَكَرًا حَتَّى يَكُونَ كالحسن والحسين فِي ذَلِكَ، وَإِنَّمَا أَعْقَبَتْ بِنْتًا وَهِيَ أمامة بنت أبي العاصي بن الربيع، فَلَمْ يَحْكُمْ لَهَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا الْحُكْمِ مَعَ وُجُودِهَا فِي زَمَنِهِ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ أَوْلَادَهَا لَا يُنْسَبُونَ إِلَيْهَا لِأَنَّهَا بِنْتُ بِنْتِهِ، وَأَمَّا هِيَ فَكَانَتْ تُنْسَبُ إِلَيْهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ أَوْلَادَ بَنَاتِهِ يُنْسَبُونَ إِلَيْهِ، وَلَوْ كَانَ لزينب ابنة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَدٌ ذَكَرٌ لَكَانَ حُكْمُهُ حُكْمُ الحسن والحسين فِي أَنَّ وَلَدَهُ يُنْسَبُونَ إِلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، هَذَا تَحْرِيرُ الْقَوْلِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَقَدْ خَبَطَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعَصْرِ فِي ذَلِكَ، وَلَمْ يَتَكَلَّمُوا فِيهِ بِعِلْمٍ.
الْوَجْهُ الرَّابِعُ: أَنَّهُمْ هَلْ يُطْلَقُ عَلَيْهِمْ أَشْرَافٌ؟ وَالْجَوَابُ: إِنَّ اسْمَ الشَّرِيفِ كَانَ يُطْلَقُ فِي الصَّدْرِ الْأَوَّلِ عَلَى كُلِّ مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ سَوَاءٌ كَانَ حَسَنِيًّا أَمْ حُسَيْنِيًّا أَمْ عَلَوِيًّا، مِنْ ذُرِّيَّةِ محمد بن الحنفية وَغَيْرِهِ مِنْ أَوْلَادِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، أَمْ جَعْفَرِيًّا أَمْ عَقِيلِيًّا أَمْ عَبَّاسِيًّا، وَلِهَذَا تَجِدُ تَارِيخَ الحافظ الذهبي مَشْحُونًا فِي التَّرَاجِمِ بِذَلِكَ يَقُولُ: الشريف العباسي، الشريف العقيلي، الشريف الجعفري، الشريف الزينبي، فَلَمَّا وَلِيَ الْخُلَفَاءُ الْفَاطِمِيُّونَ بِمِصْرَ قَصَرُوا اسْمَ الشَّرِيفِ عَلَى ذُرِّيَّةِ الحسن والحسين فَقَطْ، فَاسْتَمَرَّ ذَلِكَ بِمِصْرَ إِلَى الْآنَ، وَقَالَ الحافظ ابن حجر فِي كِتَابِ الْأَلْقَابِ: الشَّرِيفُ بِبَغْدَادَ لَقَبٌ لِكُلِّ عَبَّاسِيٍّ، وَبِمِصْرَ لَقَبٌ لِكُلِّ عَلَوِيٍّ انْتَهَى.
وَلَا شَكَّ أَنَّ الْمُصْطَلَحَ الْقَدِيمَ أَوْلَى وَهُوَ إِطْلَاقُهُ عَلَى كُلِّ عَلَوِيٍّ وَجَعْفَرِيٍّ وَعَقِيلِيٍّ وَعَبَّاسِيٍّ كَمَا صَنَعَهُ الذهبي وَكَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ الْمَاوَرْدِيُّ مِنْ أَصْحَابِنَا، وَالْقَاضِي أَبُو يَعْلَى بْنُ الْفَرَّاءِ مِنَ الْحَنَابِلَةِ كِلَاهُمَا فِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ، وَنَحْوُهُ قَوْلُ ابن مالك فِي الْأَلْفِيَّةِ: وَآلِهِ الْمُسْتَكْمِلِينَ الشَّرَفَا، فَلَا رَيْبَ فِي أَنَّهُ يُطْلَقُ عَلَى ذُرِّيَّةِ زينب الْمَذْكُورِينَ أَشْرَافٌ، وَكَمْ أَطْلَقَ الذهبي فِي تَارِيخِهِ فِي كَثِيرٍ مِنَ التَّرَاجِمِ قَوْلَهُ: الشريف الزينبي، وَقَدْ يُقَالُ: يُطْلَقُ عَلَى مُصْطَلَحِ أَهْلِ مِصْرَ: الشَّرَفُ أَنْوَاعٌ عَامٌّ لِجَمِيعِ أَهْلِ الْبَيْتِ، وَخَاصٌّ بِالذُّرِّيَّةِ، فَيَدْخُلُ فِيهِ الزَّيْنَبِيَّةُ وَأَخَصُّ مِنْهُ شَرَفُ النِّسْبَةِ، وَهُوَ مُخْتَصٌّ بِذُرِّيَّةِ الحسن والحسين.
الْوَجْهُ الْخَامِسُ: أَنَّهُمْ تَحْرُمُ عَلَيْهِمُ الصَّدَقَةُ بِالْإِجْمَاعِ ; لِأَنَّ بَنِي جَعْفَرٍ مِنَ الْآلِ.
السَّادِسُ: أَنَّهُمْ يَسْتَحِقُّونَ سَهْمَ ذَوِي الْقُرْبَى بِالْإِجْمَاعِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute