للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَعَنِ ابن منده قَدْ رَوَاهُ ثَمَانِ عَشْ

رَةَ مِنْ صِحَابٍ كَالنُّجُومِ الزَّاهِرَهْ ... يَا مَنْ يَرُومُ الْخَوْضَ فِي ذَا الْفَنِّ لَا

تَقَدَّمْ عَلَيْهِ بِهِمَّةٍ مُتَقَاصِرَهْ ... لَا يَصْلُحُ الْإِقْدَامُ فِيمَا رُمْتَهُ

حَتَّى تَلَجَّجَ فِي الْبِحَارِ الزَّاخِرَهْ

مَسْأَلَةٌ: ذَكَرَ ذَاكِرٌ أَنَّ أَكْثَرَ قِرَاءَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصَّلَاةِ كَانَتْ بِقِرَاءَةِ نافع، وَهَذَا شَيْءٌ لَا أَصْلَ لَهُ الْبَتَّةَ بَلْ كَانَ يَقْرَأُ بِجَمِيعِ الْأَحْرُفِ الْمُنَزَّلَةِ عَلَيْهِ، وَكَيْفَ يُنْسَبُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْرٌ لَمْ يَرْوِهِ عَنْهُ أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَلَا خَرَّجَهُ أَحَدٌ مِنْ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ فِي كُتُبِهِمْ لَا بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَلَا بِإِسْنَادٍ غَيْرِ صَحِيحٍ، ثُمَّ إِنَّ هَذَا أَمْرٌ لَا يُعْرَفُ لَا مِنْ جِهَةِ الصَّحَابَةِ الَّذِينَ سَمِعُوا قِرَاءَتَهُ وَالَّذِي رَوَى عَنْهُمْ أَنَّهُمْ قَالُوا قَرَأَ بِسُورَةِ كَذَا [أَوْ بِسُورَةِ كَذَا] ، وَلَمْ يَقُولُوا فِي رِوَايَتِهِمْ قَرَأَ السُّورَةَ الْفُلَانِيَّةَ بِلَفْظِ كَذَا وَلَفْظِ كَذَا حَتَّى تُطَابِقَ تِلْكَ الْأَلْفَاظَ فَتُوجَدَ مُوَافِقَةً لِقِرَاءَةِ نافع، وَلَوْ ثَبَتَ هَذَا الْكَلَامُ عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَكَانَ أَوَّلَ قَائِلٍ بِقِرَاءَةِ الْبَسْمَلَةِ فِي الصَّلَاةِ ; لِأَنَّ الْبَسْمَلَةَ ثَابِتَةٌ فِي قِرَاءَةِ قَالُونَ عَنْ نافع، وَلَمْ يَثْبُتْ عِنْدَ مالك أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ الْبَسْمَلَةَ فِي الصَّلَاةِ، فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ عِنْدَهُ أَنَّهُ كَانَ أَكْثَرُ قِرَاءَتِهِ بِقِرَاءَةِ نافع، وَمَا كُلُّ حَدِيثٍ وُجِدَ مَقْطُوعًا بِغَيْرِ سَنَدٍ فِي كِتَابٍ يَجُوزُ الِاعْتِمَادُ عَلَيْهِ حَتَّى يَثْبُتَ تَخْرِيجُهُ فِي كِتَابٍ حَافِظٍ بِسَنَدٍ مُتَّصِلٍ صَحِيحٍ، وَكَمْ فِي الْكُتُبِ مِنْ أَحَادِيثَ لَا أَصْلَ لَهَا ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّ هَذَا النَّقْلَ لَا وُجُودَ لَهُ، وَأَنَّ الَّذِي نَقَلَهُ القرافي فِي الذَّخِيرَةِ أَنَّهُ تُسْتَحَبُّ الْقِرَاءَةُ بِتَسْهِيلِ الْهَمْزَةِ ; لِأَنَّ ذَلِكَ لُغَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهَذَا كَلَامٌ فِي غَايَةِ الْحُسْنِ لَا غُبَارَ عَلَيْهِ ; لِأَنَّ الْعُلَمَاءَ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ لُغَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لُغَةُ قُرَيْشٍ، وَلُغَةُ قُرَيْشٍ عَدَمُ تَحْقِيقِ الْهَمْزِ فَيَكُونُ ذَلِكَ لُغَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَحِيحٌ، وَلَكِنْ لَيْسَ فِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ أَكْثَرُ قِرَاءَتِهِ فِي الصَّلَاةِ بِقِرَاءَةِ نافع، وَلَا رَوَى هَذَا أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ الْبَتَّةَ وَلَا خَرَّجَهُ أَحَدٌ مِنْ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ، بَلْ وَلَا فِي هَذَا دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ كَانَ أَكْثَرُ قِرَاءَتِهِ بِتَسْهِيلٍ، أَكْثَرُ مَا فِيهِ أَنَّهُ دَلَّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ لُغَتُهُ مِنْ غَيْرِ قَدْرٍ زَائِدٍ عَلَى ذَلِكَ، وَقَدْ كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ بِجَمِيعِ مَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ بِتَسْهِيلِ الْهَمْزِ الَّذِي هُوَ لُغَتُهُ، وَبِتَحْقِيقِ الْهَمْزِ الَّذِي هُوَ لُغَةُ غَيْرِ قُرَيْشٍ، وَبِتَرْكِ الْإِمَالَةِ الَّذِي هُوَ لُغَةُ الْحِجَازِ، وَبِالْإِمَالَةِ الَّتِي هِيَ لُغَةُ تَمِيمٍ، وَذِكْرُ الْأَكْثَرِيَّةِ تَحْتَاجُ إِلَى نَصْرٍ مِنَ الصَّحَابَةِ مُخَرَّجٍ فِي كِتَابٍ مُعْتَبَرٍ بِإِسْنَادٍ مُتَّصِلٍ صَحِيحٍ، وَلَا وُجُودَ لِذَلِكَ الْبَتَّةَ، وَذَكَرَ أَنَّ الْقِرَاءَةَ بِالتَّرْقِيقِ فِي الصَّلَاةِ مَكْرُوهَةٌ ; لِأَنَّهَا تُذْهِبُ الْخُشُوعَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ ; لِأَنَّ الْمَكْرُوهَ مَا وَرَدَ فِيهِ نَهْيٌ خَاصٌّ، وَلَمْ يَرِدْ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ نَهْيٌ، وَقَوْلُهُ: إِنَّهَا تُذْهِبُ الْخُشُوعَ مَمْنُوعٌ ; لِأَنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>