للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدَّلِيلُ الْحَادِي عَشَرَ: مَا أَخْرَجَهُ أحمد عَنْ أبي أمامة قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بُعِثْتُ بِالْحَنِيفِيَّةِ السَّمْحَةِ» ، وَأَخْرَجَ ابن المنذر عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قِيلَ: «يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الْأَدْيَانِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ، قَالَ: الْحَنِيفِيَّةُ السَّمْحَةُ» ، وَالْحَنِيفِيَّةُ هِيَ الْإِسْلَامُ لِمَا أَخْرَجَ ابن المنذر عَنِ السدي قَالَ: الْحَنِيفُ الْمُسْلِمُ، وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ ابْنُ حَيَّانَ فِي تَفْسِيرِهِ فِي آخِرِ سُورَةِ الْأَنْعَامِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَصْبَحْتُ عَلَى فِطْرَةِ الْإِسْلَامِ وَكَلِمَةِ الْإِخْلَاصِ وَعَلَى مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ» .

فَقَوْلُهُ: " حَنِيفًا مُسْلِمًا " تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ: " وَعَلَى مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ "، فَعُلِمَ بِمَجْمُوعِ ذَلِكَ اخْتِصَاصُ الْإِسْلَامِ بِمِلَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّتِي بُعِثَ بِهَا مُوَافِقًا لِمِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ.

الدَّلِيلُ الثَّانِي عَشَرَ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا} [آل عمران: ٦٧] هَذِهِ الْآيَةُ دَالَّةٌ عَلَى أَنَّ شَرِيعَةَ مُوسَى تُسَمَّى الْيَهُودِيَّةَ، وَشَرِيعَةَ عِيسَى تُسَمَّى النَّصْرَانِيَّةَ، وَشَرِيعَةَ إِبْرَاهِيمَ تُسَمَّى الْحَنِيفِيَّةَ وَبِهَا بُعِثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهِيَ صَرِيحَةٌ فِي أَنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى لَمْ يَدَّعُوا قَطُّ أَنَّ شَرِيعَتَهُمْ تُسَمَّى الْإِسْلَامَ وَلَا أَنَّ أَحَدًا مِنْهُمْ يُسَمَّى مُسْلِمًا.

الدَّلِيلُ الثَّالِثَ عَشَرَ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [البقرة: ١٣٥] هَذِهِ الْآيَةُ كَالَّتِي قَبْلَهَا فِي الدَّلَالَةِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا وَالصَّرَاحَةِ فِي أَنَّهُمْ لَمْ يَدَّعُوا اسْمَ الْإِسْلَامِ لَهُمْ قَطُّ.

الدَّلِيلُ الرَّابِعَ عَشَرَ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُنْزِلَتِ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ إِلَّا مِنْ بَعْدِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} [آل عمران: ٦٥] أَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وابن المنذر عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: ذُكِرَ لَنَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعَا يَهُودَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَهُمُ الَّذِينَ حَاجُّوا فِي إِبْرَاهِيمَ وَزَعَمُوا أَنَّهُ مَاتَ يَهُودِيًّا، فَأَكْذَبَهُمُ اللَّهُ فَقَالَ: {يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ} [آل عمران: ٦٥] وَتَزْعُمُونَ أَنَّهُ كَانَ يَهُودِيًّا أَوْ نَصْرَانِيًّا، وَمَا أُنْزِلَتِ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ إِلَّا مِنْ بَعْدِهِ فَكَانَتِ الْيَهُودِيَّةُ بَعْدَ التَّوْرَاةِ، وَكَانَتِ النَّصْرَانِيَّةُ بَعْدَ الْإِنْجِيلِ.

وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ السدي فِي الْآيَةِ قَالَ: قَالَتِ النَّصَارَى: كَانَ إِبْرَاهِيمُ نَصْرَانِيًّا. وَقَالَتِ الْيَهُودُ: كَانَ يَهُودِيًّا، فَأَخْبَرَهُمُ اللَّهُ أَنَّ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ إِنَّمَا أُنْزِلَتَا مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>