رَكْعَةً أُخْرَى، وَالرَّكْعَةُ الَّتِي تُصَلَّى مُشْتَمِلَةٌ عَلَى تَشَهُّدٍ وَسَلَامٍ وَقَدْ سَمَّاهَا رَكْعَةً فَوَجَبَ دُخُولُهُمَا فِي مُسَمَّى الرَّكْعَةِ، فَإِنْ قِيلَ: يُقَدَّرُ فِي الْحَدِيثِ فَلْيُصَلِّ إِلَيْهَا رَكْعَةً وَيَضُمَّ إِلَيْهَا التَّشَهُّدَ وَالسَّلَامَ، قُلْنَا: هَذَا تَقْرِيرُ مَا لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ وَلَا حَاجَةَ إِلَيْهِ، وَالتَّقْدِيرُ لَا يُصَارُ إِلَيْهِ إِلَّا عِنْدَ الْحَاجَةِ وَلَا حَاجَةَ.
الثَّامِنُ: لَفْظُ الْحَدِيثِ وَالْأَصْحَابِ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ أَنَّ الْفِرْقَةَ الثَّانِيَةَ يُصَلُّونَ مَعَ الْإِمَامِ رَكْعَةً دَلِيلٌ أَنَّ التَّشَهُّدَ وَالسَّلَامَ دَاخِلَانِ فِي مُسَمَّى الرَّكْعَةِ، فَإِنَّهَا تَتَشَهَّدُ مَعَهُ وَتُسَلِّمُ، وَكَذَا قَوْلُهُمْ: فَإِنْ صَلَّى مَغْرِبًا فَبِفِرْقَةٍ رَكْعَتَيْنِ وَبِالثَّانِيَةِ رَكْعَةً فَإِنَّ الْأُولَى تَتَشَهَّدُ مَعَهُ وَالثَّانِيَةَ كَذَلِكَ وَتُسَلِّمُ مَعَهُ.
وَالتَّاسِعُ: قَوْلُ الْفُقَهَاءِ فِي صَلَاةِ النَّفْلِ: فَإِنْ أَحْرَمَ بِأَكْثَرَ مِنْ رَكْعَةٍ فَلَهُ التَّشَهُّدُ فِي رَكْعَتَيْنِ، وَفِي كُلِّ رَكْعَةٍ صَرِيحٌ فِي أَنَّ التَّشَهُّدَ دَاخِلٌ فِي مُسَمَّى الرَّكْعَةِ حَيْثُ جَعَلُوا الرَّكْعَةَ ظَرْفًا لِلتَّشَهُّدِ فَيَكُونُ مِنْهَا، وَلَوْ كَانَ زَائِدًا عَلَيْهَا لَمْ يَصِحَّ الظَّرْفُ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ بَعْدَهَا لَا فِيهَا، فَقَوْلُهُمْ: تَشَهَّدَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ كَقَوْلِهِمْ تَجِبُ الْفَاتِحَةُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ، وَكَقَوْلِهِمْ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ رُكُوعَانِ، فَإِنَّ ذَلِكَ دَاخِلٌ فِي مُسَمَّى الرَّكْعَةِ قَطْعًا.
الْعَاشِرُ: قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَلَاةِ التَّسْبِيحِ إِنَّهَا أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ خَمْسٌ وَسَبْعُونَ تَسْبِيحَةً ثُمَّ فَصَّلَهَا، خَمْسَ عَشْرَةَ فِي الْقِيَامِ، وَعَشْرٌ فِي الرُّكُوعِ، إِلَى أَنْ قَالَ: وَعَشْرٌ فِي جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ، إِلَى أَنْ قَالَ: وَعَشْرٌ فِي التَّشَهُّدِ صَرِيحٌ فِي أَنَّ جِلْسَةَ الِاسْتِرَاحَةِ وَالتَّشَهُّدَ بَعْضٌ مِنَ الرَّكْعَةِ وَدَاخِلَانِ فِي مُسَمَّى الرَّكْعَةِ، وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ أَنَّ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ خَمْسَةً وَسَبْعِينَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَا خَارِجَيْنِ عَنْ مُسَمَّى الرَّكْعَةِ كَانَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ خَمْسٌ وَسِتُّونَ وَالْبَاقِي مَزِيدٌ عَلَى الرَّكْعَةِ، وَلَفْظُ الْحَدِيثِ: ( «يُصَلِّي أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، يَقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَسُورَةٍ، فَإِذَا انْقَضَتِ الْقِرَاءَةُ فَقُلْ: اللَّهُ أَكْبَرُ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، خَمْسَ عَشْرَةَ مَرَّةً قَبْلَ أَنْ تَرْكَعَ، ثُمَّ ارْكَعْ فَقُلْهَا عَشْرًا، ثُمَّ ارْفَعْ رَأْسَكَ فَقُلْهَا عَشْرًا، ثُمَّ اسْجُدْ فَقُلْهَا عَشْرًا، ثُمَّ ارْفَعْ رَأْسَكَ فَقُلْهَا عَشْرًا، ثُمَّ اسْجُدْ فَقُلْهَا عَشْرًا، ثُمَّ اجْلِسْ لِلِاسْتِرَاحَةِ فَقُلْهَا عَشْرًا قَبْلَ أَنْ تَقُومَ، فَذَلِكَ خَمْسٌ وَسَبْعُونَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ وَهِيَ ثَلَاثُمِائَةٍ فِي أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ» ) - أَخْرَجَهُ أبو داود، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، والحاكم، وَابْنُ خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحَيْهِمَا، فَإِنْ قِيلَ: الْأَرْجَحُ أَنَّ جِلْسَةَ الِاسْتِرَاحَةِ فَاصِلَةٌ لَا مِنَ الْأُولَى وَلَا مِنَ الثَّانِيَةِ. قُلْتُ: الْجَوَابُ عَنْ ذَلِكَ أَنَّ هَذِهِ الْجَلْسَةَ فِي صَلَاةِ التَّسْبِيحِ لَيْسَتْ كَجِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ بَلْ جِلْسَةٌ مَزِيدَةٌ فِي هَذِهِ الصَّلَاةِ كَالرُّكُوعِ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ - ذَكَرَ ذَلِكَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابن حجر فِي أَمَالِيهِ، وَلِهَذَا طَوَّلْتُ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهَا هُنَا مِنَ الرَّكْعَةِ الْأُولَى، فَكَذَلِكَ التَّشَهُّدُ الْأَخِيرُ مِنَ الرَّكْعَةِ الرَّابِعَةِ، وَلَا تَتِمُّ خَمْسَةٌ وَسَبْعُونَ إِلَّا بِمَا يُقَالُ فِيهِ، فَإِنْ قِيلَ: فَمَا الَّذِي أَوْجَبَ ذَلِكَ التَّوَقُّفَ مَعَ مَا ذَكَرْتُ مِنْ وُجُوهِ الِاسْتِدْلَالِ؟ قُلْتُ: مَسْأَلَةٌ رَأَيْتُهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute