وَأَخْرَجَ الْإِمَامُ أحمد فِي الزُّهْدِ عَنْ كعب قَالَ: لَمْ يَزَلْ مِنْ بَعْدِ نُوحٍ فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ يَدْفَعُ اللَّهُ بِهِمُ الْعَذَابَ، وَأَخْرَجَ أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْمُنَادِي فِي جُزْءٍ جَمَعَهُ فِي أَخْبَارِ الخضر قَالَ: ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُلَاعِبٍ ثَنَا يحيى بن سعيد السعدي أَخْبَرَنِي أبو جعفر الكوفي عَنْ أبي عمر النصيبي قَالَ: خَرَجْتُ أَطْلُبُ مَسْأَلَةً مِنْ مِصْقَلَةَ بِالشَّامِ وَكَانَ يُقَالُ: إِنَّهُ مَنَ الْأَبْدَالِ، فَلَقِيتُهُ بِوَادِي الْأُرْدُنِّ فَقَالَ لِي: أَلَا أُخْبِرُكَ بِشَيْءٍ رَأَيْتُهُ الْيَوْمَ فِي هَذَا الْوَادِي؟ فَقُلْتُ: بَلَى، قَالَ: دَخَلْتُ فَإِذَا أَنَا بِشَيْخٍ يُصَلِّي إِلَى شَجَرَةٍ فَأُلْقِيَ فِي رُوعِي أَنَّهُ إِلْيَاسُ فَدَنَوْتُ مِنْهُ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَرَدَّ عَلَيَّ فَقُلْتُ: مَنْ أَنْتَ يَرْحَمُكَ اللَّهُ؟ قَالَ: أَنَا إِلْيَاسُ النَّبِيُّ، فَقُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ هَلْ فِي الْأَرْضِ الْيَوْمَ مَنِ الْأَبْدَالِ أَحَدٌ؟ قَالَ: نَعَمْ، هُمْ سِتُّونَ رَجُلًا، مِنْهُمْ خَمْسُونَ بِالشَّامِ فِيمَا بَيْنَ الْعَرِيشِ إِلَى الْفُرَاتِ، وَمِنْهُمْ ثَلَاثَةٌ بِالْمِصِّيصَةِ، وَوَاحِدٌ بِأَنْطَاكِيَةَ، وَسَائِرُ الْعَشْرَةِ فِي سَائِرِ أَمْصَارِ الْعَرَبِ. وَأَخْرَجَ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْخَتْلِيُّ فِي كِتَابِ الدِّيبَاجِ لَهُ بِسَنَدِهِ عَنْ داود بن يحيى مولى عون الطفاوي عَنْ رَجُلٍ كَانَ مُرَابِطًا بِعَسْقَلَانَ قَالَ: بَيْنَا أَنَا أَسِيرُ بِالْأُرْدُنِّ إِذْ أَنَا بِرَجُلٍ فِي نَاحِيَةِ الْوَادِي قَائِمٌ يُصَلِّي فَوَقَعَ فِي قَلْبِي أَنَّهُ إِلْيَاسُ، فَذَكَرَ نَحْوَ مَا قَبْلَهُ، وَلَفْظُهُ، قُلْتُ: فَكَمِ الْإِبْدَالُ؟ قَالَ: هُمْ سِتُّونَ رَجُلًا - خَمْسُونَ مَا بَيْنَ عَرِيشِ مِصْرَ إِلَى شَاطِئِ الْفُرَاتِ، وَرَجُلَانِ بِالْمِصِّيصَةِ، وَرَجُلٌ بِأَنْطَاكِيَةَ، وَسَبْعَةٌ فِي سَائِرِ الْأَمْصَارِ - بِهِمْ تُسْقَوْنَ الْغَيْثَ وَبِهِمْ تُنْصَرُونَ عَلَى الْعَدُوِّ وَبِهِمْ يُقِيمُ اللَّهُ أَمْرَ الدُّنْيَا حَتَّى إِذَا أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ الدُّنْيَا أَمَاتَهُمْ جَمِيعًا.
وَفِي كِفَايَةِ الْمُعْتَقَدِ لليافعي - نَفَعَنَا اللَّهُ تَعَالَى بِبَرَكَتِهِ - قَالَ بَعْضُ الْعَارِفِينَ: الصَّالِحُونَ كَثِيرٌ مُخَالِطُونَ لِلْعَوَامِّ لِصَلَاحِ النَّاسِ فِي دِينِهِمْ وَدُنْيَاهُمْ، وَالنُّجَبَاءُ فِي الْعَدَدِ أَقَلُّ مِنْهُمْ، وَالنُّقَبَاءُ فِي الْعَدَدِ أَقَلُّ مِنْهُمْ، وَهُمْ مُخَالِطُونَ الْخَوَاصَّ، وَالْأَبْدَالُ فِي الْعَدَدِ أَقَلُّ مِنْهُمْ نَازِلُونَ فِي الْأَمْصَارِ الْعِظَامِ لَا يَكُونُ فِي الْمِصْرِ مِنْهُمْ إِلَّا الْوَاحِدُ بَعْدَ الْوَاحِدِ، فَطُوبَى لِأَهْلِ بَلْدَةٍ كَانَ فِيهَا اثْنَانِ مِنْهُمْ، وَالْأَوْتَادُ وَاحِدٌ بِالْيَمَنِ وَوَاحِدٌ بِالشَّامِ وَوَاحِدٌ فِي الْمَشْرِقِ وَوَاحِدٌ فِي الْمَغْرِبِ، وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ يُدِيرُ الْقُطْبَ فِي الْآفَاقِ الْأَرْبَعَةِ مِنْ أَرْكَانِ الدُّنْيَا كَدَوَرَانِ الْفَلَكِ فِي أُفُقِ السَّمَاءِ، وَقَدْ سُتِرَتْ أَحْوَالُ الْقُطْبِ - وَهُوَ الْغَوْثُ - عَنِ الْعَامَّةِ وَالْخَاصَّةِ غَيْرَةً مِنَ الْحَقِّ عَلَيْهِ، غَيْرَ أَنَّهُ يُرَى عَالِمًا كَجَاهِلٍ، أَبْلَهَ كَفَطِنٍ، تَارِكًا آخِذًا، قَرِيبًا بَعِيدًا، سَهْلًا عَسِرًا، آمِنًا حَذِرًا، وَكَشْفُ أَحْوَالِ الْأَوْتَادِ لِلْخَاصَّةِ وَكَشْفُ أَحْوَالِ الْبُدَلَاءِ لِلْخَاصَّةِ وَالْعَارِفِينَ، وَسَتَرُ أَحْوَالَ النُّجَبَاءِ وَالنُّقَبَاءِ عَنِ الْعَامَّةِ خَاصَّةً وَكَشْفُ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ، وَكَشْفُ حَالِ الصَّالِحِينَ لِلْعُمُومِ وَالْخُصُوصِ؛ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا، وَعِدَّةُ النُّجَبَاءِ ثَلَاثُمِائَةٍ وَالنُّقَبَاءُ أَرْبَعُونَ وَالْبُدَلَاءُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute