للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُجَاوِرَةً بِالْمَدِينَةِ، وَكَانَ بَعْضُ الْخُدَّامِ يُؤْذِيهَا، قَالَتْ: فَاسْتَغَثْتُ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَسَمِعْتُ قَائِلًا مِنَ الرَّوْضَةِ يَقُولُ: أَمَا لَكِ فِيَّ أُسْوَةٌ؟ فَاصْبِرِي كَمَا صَبَرْتُ، أَوْ نَحْوَ هَذَا، قَالَتْ: فَزَالَ عَنِّي مَا كُنْتُ فِيهِ وَمَاتَ الْخُدَّامُ الثَّلَاثَةُ الَّذِينَ كَانُوا يُؤْذُونَنِي، وَقَالَ ابن السمعاني فِي الدَّلَائِلِ: أَخْبَرَنَا أبو بكر هبة الله بن الفرج أَخْبَرَنَا أبو القاسم يوسف بن محمد بن يوسف الخطيب أَخْبَرَنَا أبو القاسم عبد الرحمن بن عمر بن تميم المؤدب حَدَّثَنَا علي بن إبراهيم بن علان أَخْبَرَنَا علي بن محمد بن علي حَدَّثَنَا أحمد بن الهيثم الطائي حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ عَنْ أبي صادق عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَدِمَ عَلَيْنَا أَعْرَابِيٌّ بَعْدَ مَا دَفَنَّا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَرَمَى بِنَفْسِهِ عَلَى قَبْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَحَثَا مِنْ تُرَابِهِ عَلَى رَأْسِهِ، وَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قُلْتَ فَسَمِعْنَا قَوْلَكَ وَوَعَيْتَ عَنِ اللَّهِ فَأَوْعَيْنَا عَنْكَ، وَكَانَ فِيمَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ: {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا} [النساء: ٦٤] وَقَدْ ظَلَمْتُ نَفْسِي وَجِئْتُكَ تَسْتَغْفِرَ لِي، فَنُودِيَ مِنَ الْقَبْرِ أَنَّهُ قَدْ غُفِرَ لَكَ، ثُمَّ رَأَيْتُ فِي كِتَابِ مُزِيلِ الشُّبُهَاتِ فِي إِثْبَاتِ الْكَرَامَاتِ لِلْإِمَامِ عماد الدين إسماعيل بن هبة الله بن باطيس مَا نَصُّهُ: وَمِنَ الدَّلِيلِ عَلَى إِثْبَاتِ الْكَرَامَاتِ آثَارٌ مَنْقُولَةٌ عَنِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ فَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنْهُمُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ لعائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -: إِنَّمَا هُمَا أَخَوَاكِ وَأُخْتَاكِ، قَالَتْ: هَذَانِ أَخَوَايَ محمد وعبد الرحمن، فَمَنْ أُخْتَايَ وَلَيْسَ لِي إِلَّا أسماء، فَقَالَ: ذُو بَطْنِ ابْنَةِ خَارِجَةَ قَدْ أُلْقِيَ فِي رُوعِي أَنَّهَا جَارِيَةٌ، فَوَلَدَتْ أم كلثوم، وَمِنْهُمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي قِصَّةِ سَارِيَةَ حَيْثُ نَادَى وَهُوَ فِي الْخُطْبَةِ: يَا سَارِيَةُ الْجَبَلَ الْجَبَلَ، فَأَسْمَعَ اللَّهُ سَارِيَةَ كَلَامَهُ وَهُوَ بِنَهَاوَنْدَ، وَقِصَّتُهُ مَعَ نِيلِ مِصْرَ وَمُرَاسَلَتُهُ إِيَّاهُ وَجَرَيَانُهُ بَعْدَ انْقِطَاعِهِ، وَمِنْهُمْ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ: ثُمَّ أَتَيْتُ عثمان لِأُسَلِّمَ عَلَيْهِ - وَهُوَ مَحْصُورٌ - فَقَالَ: مَرْحَبًا بِأَخِي، رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي هَذِهِ الْخُوخَةِ فَقَالَ: يَا عثمان حَصَرُوكَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: عَطَّشُوكَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، فَأَدْلَى لِي دَلْوًا فِيهِ مَاءٌ فَشَرِبْتُ حَتَّى رَوِيتُ حَتَّى إِنِّي لَأَجِدُ بَرْدَهُ بَيْنَ ثَدْيَيَّ وَبَيْنَ كَتِفَيَّ، فَقَالَ: إِنْ شِئْتَ نُصِرْتَ عَلَيْهِمْ، وَإِنْ شِئْتَ أَفْطَرْتَ عِنْدَنَا، فَاخْتَرْتُ أَنْ أُفْطِرَ عِنْدَهُ، فَقُتِلَ ذَلِكَ الْيَوْمَ. انْتَهَى.

وَهَذِهِ الْقِصَّةُ مَشْهُورَةٌ عَنْ عثمان - مُخَرَّجَةٌ فِي كُتُبِ الْحَدِيثِ بِالْإِسْنَادِ - أَخْرَجَهَا الحارث بن أبي أسامة فِي مُسْنَدِهِ وَغَيْرُهُ، وَقَدْ فَهِمَ الْمُنْصِفُ مِنْهَا أَنَّهَا رُؤْيَةُ يَقَظَةٍ، وَإِنْ لَمْ يَصْلُحْ عَدُّهَا فِي الْكَرَامَاتِ؛ لِأَنَّ رُؤْيَةَ الْمَنَامِ يَسْتَوِي فِيهَا كُلُّ أَحَدٍ، وَلَيْسَتْ مِنَ الْخَوَارِقِ الْمَعْدُودَةِ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>