للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَسَالِيبِ الْبَيَانِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأُمُورِ الْمُشْتَرَطَةِ فِي الِاجْتِهَادِ أَنْتَجَتْ لِلْمُجْتَهِدِ أَنَّ الْإِعْدَادَ مُرَتَّبٌ عَلَى الْمَجْمُوعِ لَا عَلَى كُلِّ فَرْدٍ فَرْدٍ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَأَمَّا السُّؤَالُ الثَّانِي: فَذَكَرَ صَاحِبُ " آكَامِ الْمَرْجَانِ فِي أَحْكَامِ الْجَانِّ " أَنَّ قِيَاسَ قَوْلِ الشَّيْخِ عز الدين بن عبد السلام فِي الْمَلَائِكَةِ أَنَّهُمْ لَا يَرَوْنَ رَبَّهُمْ - أَنَّ الْجِنَّ أَيْضًا لَا يَرَوْنَ رَبَّهُمْ. وَمُسْتَنَدُ الشَّيْخِ عز الدين فِي الْمَلَائِكَةِ قَوْلُهُ تَعَالَى: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ} [الأنعام: ١٠٣] خُصَّ مِنْ ذَلِكَ الْمُؤْمِنُونَ، فَبَقِيَ عَلَى عُمُومِهِ فِي الْمَلَائِكَةِ، لَكِنْ مَا قَالَهُ الشَّيْخُ عز الدين فِي الْمَلَائِكَةِ مَمْنُوعٌ كَمَا بَيَّنْتُهُ فِي الْكِتَابِ الَّذِي أَلَّفْتُهُ فِي الرُّؤْيَةِ، وَمَا قَالَهُ صَاحِبُ " الْآكَامِ " فِي الْجِنِّ خَالَفَهُ فِيهِ الْبَلْقِينِيُّ وَمَالَ إِلَى أَنَّهُمْ يَرَوْنَ، وَالَّذِي أَقُولُهُ: إِنَّ الْجِنَّ تَحْصُلُ لَهُمُ الرُّؤْيَةُ فِي الْمَوْقِفِ مَعَ سَائِرِ الْخَلْقِ قَطْعًا، وَيَحْصُلُ لَهُمْ فِي الْجَنَّةِ فِي وَقْتٍ مَا مِنْ غَيْرِ قَطْعٍ بِذَلِكَ، لَكِنْ بِاحْتِمَالٍ رَاجِحٍ، أَمَّا أَنَّهُمْ يُسَاوُونَ الْإِنْسَ فِي الرُّؤْيَةِ كُلَّ جُمُعَةٍ فَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ.

وَأَمَّا السُّؤَالُ الثَّالِثُ: فَقَدْ حَكَى ابن كثير فِي كِتَابِ " الْبِدَايَةِ وَالنِّهَايَةِ " فِي رُؤْيَةِ النِّسَاءِ ثَلَاثَةَ مَذَاهِبَ ; أَحَدُهَا: أَنَّهُنَّ يَرَيْنَ ; إِدْرَاجًا لَهُنَّ فِي عُمُومِ الْأَخْبَارِ الْوَارِدَةِ فِي الرُّؤْيَةِ.

وَالثَّانِي: أَنَّهُنَّ لَا يَرَيْنَ أَصْلًا لِعَدَمِ التَّصْرِيحِ بِرُؤْيَتِهِنَّ فِي الْحَدِيثِ.

وَالثَّالِثُ: أَنَّهُنَّ يَرَيْنَ فِي الْأَعْيَادِ خَاصَّةً، وَلَا يَرَيْنَ مَعَ الرِّجَالِ فِي أَيَّامِ الْجُمَعِ ; لِوُرُودِ حَدِيثٍ فِي ذَلِكَ. وَهَذَا الْقَوْلُ الثَّالِثُ هُوَ الرَّاجِحُ، وَبِهِ جَزَمَ ابن رجب، وَأَنَا أَسْتَثْنِي أَزْوَاجَ الْأَنْبِيَاءِ وَبَنَاتِهِمْ وَسَائِرَ الصِّدِّيقَاتِ فَأَقُولُ: إِنَّهُنَّ يَرَيْنَ فِي غَيْرِ الْأَعْيَادِ أَيْضًا ; خُصُوصِيَّةً لَهُنَّ، كَمَا اخْتُصَّ الصِّدِّيقُونَ مِنَ الرِّجَالِ بِمَزِيَّةٍ فِي الرُّؤْيَةِ لَيْسَتْ لِغَيْرِهِمْ. وَقَدْ بَسَطْنَا الْكَلَامَ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي مُؤَلَّفٍ مُسْتَقِلٍّ سَمَّيْنَاهُ " إِسْبَالَ الْكِسَاءِ عَلَى النِّسَاءِ " وَلَخَّصْنَاهُ فِي مُخْتَصَرٍ سَمَّيْنَاهُ " رَفْعَ الْأَسَى عَنِ النِّسَا ".

وَأَمَّا السُّؤَالُ الرَّابِعُ، وَالْخَامِسُ: فَذَكَرَ صَاحِبُ كَشْفِ الْأَسْرَارِ عَمَّا خَفِيَ عَنِ الْأَفْكَارِ أَنَّهُ قِيلَ فِي أَرْجَى آيَةٍ فِي الْقُرْآنِ قَوْلُهُ: {فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ} [الأحقاف: ٣٥] ، وَقِيلَ: {أَنَّ الْعَذَابَ عَلَى مَنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى} [طه: ٤٨] وَقِيلَ: {لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ} [الزمر: ٥٣] وَقِيلَ: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ} [النساء: ٣١] وَقِيلَ: {قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ} [الإسراء: ٨٤] وَقِيلَ: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [المائدة: ٣] وَقِيلَ: {وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ} [المائدة: ٦] وَقِيلَ:

<<  <  ج: ص:  >  >>