وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، مِنْ طَرِيقِ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ قَالَ: كَانَ مَلَكُ الْمَوْتِ صَدِيقًا لِإِدْرِيسَ، فَقَالَ لَهُ يَوْمًا: يَا مَلَكَ الْمَوْتِ، أَمِتْنِي فَاسْتَأْذَنَ رَبَّهُ، فَقَالَ لَهُ: أَمِتْهُ، فَلَمَّا مَاتَ رَدَّ اللَّهُ إِلَيْهِ رُوحَهُ، فَمَكَثَ مَا شَاءَ اللَّهُ حَيًّا، ثُمَّ قَالَ: يَا مَلَكَ الْمَوْتِ، أَدْخِلْنِي الْجَنَّةَ، فَاسْتَأْذَنَ رَبَّهُ، فَقَالَ: أَدْخِلْهُ الْجَنَّةَ، فَاحْتَمَلَهُ مَلَكُ الْمَوْتِ، فَأَدْخَلَهُ الْجَنَّةَ، فَكَانَ فِيهَا مَا شَاءَ اللَّهُ، فَقَالَ لَهُ مَلَكُ الْمَوْتِ: اخْرُجْ بِنَا، قَالَ: لَا، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ - إِلَّا مَوْتَتَنَا الْأُولَى} [الصافات: ٥٨ - ٥٩] وَقَالَ: {وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ} [الحجر: ٤٨] وَمَا أَنَا بِخَارِجٍ مِنْهَا، قَالَ مَلَكُ الْمَوْتِ: يَا رَبِّ، قَدْ تَسْمَعُ مَا يَقُولُ عَبْدُكَ إِدْرِيسُ، قَالَ اللَّهُ لَهُ: صَدَقَ، فَاخْرُجْ مِنْهَا وَدَعْهُ فِيهَا، وَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا} [مريم: ٥٧] قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: أَرْبَعَةُ أَنْبِيَاءَ أَحْيَاءٌ، اثْنَانِ فِي السَّمَاءِ: إِدْرِيسُ وَعِيسَى، وَاثْنَانِ فِي الْأَرْضِ: إِلْيَاسُ والخضر. وَفِي حَدِيثٍ رَوَاهُ نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ فِي كِتَابِ الْفِتَنِ، «أَنَّ إِلْيَاسَ يَكُونُ مَعَ الدَّجَّالِ يُنْذِرُ النَّاسَ، فَإِذَا قَالَ الدَّجَّالُ: أَنَا رَبُّ الْعَالَمِينَ، قَالَ لَهُ إِلْيَاسُ: كَذَبْتَ. وَفِي حَدِيثٍ رَوَاهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي " الْكَامِلِ " أَنَّ إِلْيَاسَ والخضر يَلْتَقِيَانِ فِي كُلِّ عَامٍ بِالْمَوْسِمِ، فَيَحْلِقُ كُلُّ وَاحِدٌ مِنْهُمَا رَأْسَ صَاحِبِهِ وَيَتَفَرَّقَانِ عَنْ هَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ: بِسْمِ اللَّهِ مَا شَاءَ اللَّهُ، لَا يَسُوقُ الْخَيْرَ إِلَّا اللَّهُ، مَا شَاءَ اللَّهُ، لَا يَصْرِفُ السُّوءَ إِلَّا اللَّهُ، مَا شَاءَ اللَّهُ، مَا كَانَ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ، مَا شَاءَ اللَّهُ، لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ» . كَذَا أَخْرَجَهُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا. وَأَخْرَجَ ابن عساكر فِي " تَارِيخِ دِمَشْقَ "، عَنِ ابن أبي رواد قَالَ: إِلْيَاسُ والخضر يَصُومَانِ شَهْرَ رَمَضَانَ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَيَحُجَّانِ فِي كُلِّ سَنَةٍ، وَيَشْرَبَانِ مِنْ زَمْزَمَ شَرْبَةً تَكْفِيهِمَا إِلَى مِثْلِهَا مِنْ قَابِلٍ.
وَأَمَّا السُّؤَالُ التَّاسِعُ وَالْأَرْبَعُونَ: فَجَوَابُهُ أَنَّ فِيهِ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ ; أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ نَبِيٌّ. وَالثَّانِي: أَنَّهُ رَسُولٌ. وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ وَلِيٌّ وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ.
وَأَمَّا السُّؤَالُ الْخَمْسُونَ: فَالْجَوَابُ أَنَّهُمَا فِي الْجَنَّةِ، وَقَدْ أَلَّفْتُ فِي ذَلِكَ كِتَابًا سَمَّيْتُهُ " التَّعْظِيمَ وَالْمِنَّةَ " قَرَّرْتُ فِيهِ الْأَدِلَّةَ عَلَى ذَلِكَ، وَأَقْرَبُهَا طُرُقٌ: أَحُدُهَا أَنَّهُمَا كَانَا عَلَى مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ الْحَنِيفِيَّةِ، كورقة بن نوفل، وزيد بن عمرو بن نفيل، وَغَيْرِهِمَا مِمَّنْ تَحَنَّفَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ. وَالثَّانِي أَنَّهُمَا كَانَا فِي الْفَتْرَةِ، وَالْفَتْرَةُ لَا تَكْلِيفَ فِيهَا. وَالثَّالِثُ أَنَّهُمَا أُحْيِيَا لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَآمَنَا بِهِ.
وَأَمَّا السُّؤَالُ الْحَادِي وَالْخَمْسُونَ: فَجَوَابُهُ أَنَّهُ مَنْ قَالَ مِنَ الْعَوَامِّ أَوْ مِنَ الْفُقَهَاءِ بِحَضْرَةِ الْعَوَامِّ فِي حَقِّ أَبَوَيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُمَا فِي النَّارِ، أَوْ أَنَّهُمَا كَانَا كَافِرَيْنِ -أَنَّهُ يَلْزَمُهُ التَّعْزِيرُ الْبَلِيغُ أَوْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute