رحل إلى القيروان وتفقه على أبي محمد بن أبي زيد، وأبي الحسن القابسي وسمع منهما ومن غيرهما. وكان فقيها محدثا. ذكره الحميدي وقال: سمعت منه.
وتوفي قريبا من الأربعين وأربع مائة.
أصبغ بن سيدٍ من أهل إشبيلية، يكنى: أبا الحسن لقيه الحميدي وقال فيه شاعر أديب. وقد رأيته قبل الخمسين وأربع مائة. ومات قريبا من ذلك.
أصبغ بن محمد بن أصبغ الأزدي كبير المفتين بقرطبة، يكنى: أبا القاسم.
روى عن أبي القاسم حاتم بن محمد كثيرا، وتفقه عند الفقيه أبي جعفر بن رزق، وانتفع بصحبته، وأخذ عن أبي مروان بن سراج، وأبي علي الغساني وأجاز له أبو عمر ابن عبد البر، وأبو العباس العذري، والقاضي أبو عمر بن الحذاء ما رووه.
وكان: من جلة العلماء، وكبار الفقهاء، حافظا للفقه على مذهب مالك وأصحابه، بصيرا بالفتوى، مقدما في الشورى، عارفا بالشروط وعللها، مدققا لمعانيها لا يجاريه في ذلك أحد من أصحابه. وتولى الصلاة بالمسجد الجامع بقرطبة. وكان حافظا للقرآن العظيم، كثير التلاوة له، مجودا لحروفه، حسن الصوت به، فاضلا متصاونا عالي الهمة، عزيز النفس. حدث وسمع الناس منه وناظروا عليه. ولزم داره في آخر عمره لسعاية لحقته فحرم الناس منفعة علمه. وتوفي رحمه الله ليلة الأربعاء، ودفن يوم الأربعاء أول يوم من صفر سنة خمس وخمس مائة. أخبرني بوفاته ابنه القاضي أبو عبد الله محمد بن أصبغ، ومولده سنة خمس وأربعين وأربع مائة.