ولأبي عبد الله هذا كتابٌ حسنٌ جمع فيه بين صحيحي البخاري ومسلم. أخذه الناس عنه، وله أيضاً كتاب علماء الأندلس نقلنا منه في كتابنا هذا ما نسبناه إليه، وأخبرنا القاضي الإمام بلفظه، قال: سمعت أبا بكر بن طرخان ببغداد يقال: سمعت أبا عبد الله الحميدي يقول: ثلاثة أشياء من علوم الحديث يجب تقديم الهمم بها، كتاب العلل، وأحسن كتاب وضع فيه كتاب الدارقطني وكتاب المؤتلف والمختلف، وأحسن كتاب ووضع فيه كتاب الأمير ابن ماكولا. وكتاب وفيات الشيوخ وليس فيه كتاب؛ وقد كنت أردت أن أجمع في ذلك كتاباً فقال إلي الأمير: رتبه على حروف المعجم بعد أن ترتبه على السنين. قال ابن طرخان فشغله عنه الصحيحان. إلى أن مات رحمه الله. وأنشدنا القاضي أبو بكر، قال: أنشدنا أبو بكر بن طرخان قال: أنشدنا الحميدي لنفسه:
لقاء الناس ليس يفيد شيئا ... سوى الهذيان من قيل وقال
فأقلل من لقاء الناس إلا ... لأخذ العلم أو لصلاح حال
وتوفي أبو عبد الله الحميدي ببغداد سنة ثمان وثمانين وأربع مائة. أخبرني بذلك ابن سرحان. وزاد غيره في ذي الحجة من العام.
محمد بن محمد بن عبد الرحمن بن جماهر الحجري: من أهل طليطلة؛ يكنى: أبا بكر.
روى ببلده عن عمه أبي بكر جماهر بن عبد الرحمن، وأبي محمد قاسم بن هلال، وأبي بكر العواد، وأبي عبد الله بن عبد السلام، وأبي عمر بن سميق وغيرهم. ورحل إلى المشرق مع عمه أبي بكر سنة اثنتين وخمسين وأربع مائة. وأدى الفريضة وسمع بمكة: من ابن أبي معشر الطبري، وكريمة المروزية وغيرهما. وسمع بمصر: على أبي عبد الله القضاعي كثيرا، وعلى أبي نصر الشيرازي، وأبي العباس بن نفيس المقرئ، وأبي إسحاق الحبال وغيرهم. وسمع بالإسكندرية: على أبي علي بن معافى وغيره. وكان معتنيا بالجمع والإكثار والرواية من الشيوخ لا كبير علم عنده.