محمد بن الوليد بن محمد بن خلف بن سليمان بن أيوب الفهري الطرطوشي أصله منها، يكنى: أبا بكر، ويعرف: بابن أبي وندقة.
صحب القاضي أبا الوليد الباجي بسرقسطة وأخذ عنه مسائل الخلاف وسمع منه وأجاز له. ثم رحل إلى المشرق وحج ودخل بغداد والبصرة فتفقه عند أبي بكر الشاشي، وأبي العباس الجرجاني، وسمع بالبصرة من أبي علي التستري، وسكن الشام مدة ودرس بها.
وكان إماما عالما، عاملا زاهدا، ورعا دينا متواضعا، متقشفا متقللا من الدنيا، راضيا منها باليسير. أخبرنا عنه القاضي الإمام أبو بكر محمد بن عبد الله المعافري ووصفه بالعلم والفضل والزهد في الدنيا. والإقبال على ما يعنيه. وقال لي: سمعته يقول: إذا عرض الأمران أمر دنيا وأخرى فبادر بأمر الأخرى يحصل الأمران الدنيا والأخرى. قال القاضي أبو بكر: وكان كثيرا ما ينشدنا محمد بن الوليد هذا:
إن لله عبادا فطنا ... طلقوا الدنيا وخافوا الفتنا
فكروا فيها فلما علموا ... أنها ليست لحي وطنا
جعلوها لجة واتخذوا ... صالح الأعمال فيها سفنا
وتوفي الإمام الزاهد أبو بكر بالإسكندرية في شهر شعبان سنة عشرين وخمسمائة.