للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحديث والفقه، كثير الرواية، وافر الحظ من علم اللغة والعربية، قائلا للشعر النفيس في معاني الزهد وما شابهه، بليغا في خطبه، كثير الخشوع فيها لا يتمالك من سمعه عن البكاء مع الخير والفضل والزهد في الدنيا والرضا منها باليسير، ما رأيت فيمن لقيت من شيوخي من يضاهيه في جميع أحواله كنت إذا ذاكرته شيئا من أمور الآخرة أرى وجهه يصفر ويدافع البكاء ما استطاع وربما غلبه فلا يقدر أن يمسكه، وكان الدمع قد أثر في عينيه وغيرها لكثرة بكائه، وكان النور باديا على وجهه، وكان قد صحب الصالحين ولقيهم من حداثته ما رأيت أحفظ منه لأخبارهم وحكاياتهم.

ومن تواليفه كتاب فضائل المنقطعين إلى الله عز وجل؛ وكتاب التسلي عن الدنيا بتأميل خير الآخرة؛ وكتاب فضائل المتهجدين؛ وكتاب التسبيب والتيسير؛ وكتاب الابتهاج بمحبة الله عز وجل؛ وكتاب المستصرخين بالله تعالى عند نزول البلاء وغير ذلك من تواليفه في معاني الزهد وضروبه.

روى عنه من مشاهير العلماء أبو محمد مكي بن أبي طالب المقرئ، وأبو عبد الله بن عابد، وأبو عمر بن الحذاء، وأبو عمر بن سميق، وأبو محمد بن حزم، وأبو القاسم حاتم ابن محمد، وأبو الوليد الباجي، وأبو عبد الله الخولاني، وأبو عبد الله محمد بن فرج وغيرهم كثير. توفي رحمه الله ليلة الجمعة ودفن يوم الجمعة بعد العصر لليلتين بقيتا من رجب سنة تسع وعشرين وأربع مائة. ودفن بمقبرة ابن عباس وشهده خلق عظيم، وكان وقت دفنه غيث وابل رحمه الله. ومولده لليلتين خلتا من ذي القعدة من سنة ثمان وثلاثين وثلاث مائة. ذكر وفاته ومولده ابن مهدي وابن حيان وغيرهما.

يونس بن أحمد بن يونس بن عيسون الجذامي المعروف: بابن الحراني: من أهل قرطبة؛ يكنى: أبا سهل.

<<  <   >  >>