وكان من أهل المعرفة والعلم والحفظ والفهم والفضل والصلاح والتواضع وكان مشاورا في الأحكام بقرطبة، وعزم عليه محمد بن جهور أن يوليه القضاء بقرطبة فقال له: أخرني ثمانية أيام حتى استخير الله فأخره فعمي في تلك الأيام فكانوا يرون أنه دعا بذلك على نفسه وأنه كان رجلا صالحا.
وأخبرني أحمد بن عبد الرحمن الفقيه، قال: سمعت أبا عبد الله محمد بن فرج الفقيه يقول: قال لي أبو عبد الله بن عابد؛ ولأبي محمد بن عبد الصمد معا لو رآكما مالك بن أنس رحمه الله لقرت عينه بكما، وتوفي رحمه الله لإحدى عشرة ليلة خلت لربيع الأول سنة اثنتين وستين وأربع مائة. ودفن بمقبرة ابن عباس، وكان مولده سنة أربع وتسعين وثلاث مائة.
وقرأت بخط القاضي عيسى بن سهل توفي ابن أبي عبد الصمد يوم الجمعة وقت الظهر لثمان بقين من ربيع الأول من سنة اثنتين وستين المذكورة.
موسى بن عبد الرحمن بن خلف بن موسى بن أبي تليد: من أهل شاطبة، يكنى: أبا عمران.
روى عن أبي عمر يوسف بن عبد الله بن عبد البر النمري كثيرا من روايته. وكان فقيها مفتيا ببلده، أديبا شاعرا ديناً فاضلاً، أنشدنا أبو عمرو زياد بن محمد، قال: أنشدنا شيخنا أبو عمران لنفسه:
حالي مع الدهر في تقلبه ... كطائرٍ ضم رجله شرك
همته في فكاك مهجته ... يروم تخليصها فتشتبك
حدث عنه جماعة من أصحابنا، ورحلوا إليه ووثقوه. وكتب إلينا بإجازة ما رواه بخطه، وتوفي رحمه الله في ربيع الآخر سنة سبع عشرة وخمسمائة. ومولده سنة أربع وأربعين وأربع مائة.