ولا تفسير محمد بن جرير الطبري ولا غيره. ومنها في الحديث مصنفه الكبير الذي رتبه على أسماء الصحابة رضي الله عنهم فروي فيه على ألف وثلاث مائة صاحب، ثم رتب حديث كل صاحب على أسماء الفقه وأبواب الأحكام، فهو مصنف ومسند. وما أعلم هذه الرتبة لأحد قبله مع ثقته وضبطه وإتقانه واحتفاله فيه في الحديث وجودة شيوخه، فإنه روى عن مائتي رجل وأربع مائة رجل ليس فيهم عشرة ضعفاء، وسائرهم أعلام مشاهير. ومنها: مصنفه في فتاوي الصحابة والتابعين ومن دونهم الذي أربى فيه على مصنف أبي بكر بن أبي شيبة، ومصنف عبد الرزاق بن همام، ومصنف سعيد بن منصور وغيرهما.
ونظم علما كثيرا لم يقع في شيء من هذا فصارت تواليف هذا الإمام الفاضل، قواعد للإسلام لا نظير لها. وكان متخيرا لا يقلد أحدا، وكان ذا خاصة من أحمد ابن حنبل وجاريا في مضمار أبي عبد الله البخاري، وأبي الحسين مسلم بن الحجاج النيسابوري، وأبي عبد الرحمن النسائي رحمة الله عليهم. هذا آخر كلام أبي محمد.
قال أبو سعيد بن يونس في تاريخه: إن بقي بن مخلد مات بالأندلس سنة ستٍ وسبعين ومائتين. وقال أبو الحسن الدارقطني في المختلف أنه مات سنة ثلاث وسبعين وصلى عليه بين الظهر والعصر بمقبرة ابن عباس. ومولده في رمضان سنة إحدى وثلاثين رحمه الله.
وقد تقدم في اسم محمد بن سعيد بالإسناد الذي لا شك في صحته أن الأمير عبد الله ابن محمد شاور الفقهاء وفيهم بقى بن مخلد في قتل الزنديق، فصح كونه حيا في أيام عبد الله، وكانت ولايته في سنة خمسٍ وسبعين ومائتين وتمادت إلى الثلاث مائة.
هكذا أخبرنا أبو محمد فيما جمعه من ذكر أوقات الأمراء بالأندلس، وهذا شاهد لصحة قول أبي سعيد والله أعلم.
روى عن بقى بن مخلد جماعة منهم: أسلم بن عبد العزيز، ومحمد بن القاسم