الوليد الباجي، وأبي العباس العذري وجماعة غيرهم يكثر تعدادهم سمع منهم وكتب الحديث عنهم.
وكان: من جهابذة المحدثين، وكبار العلماء المسندين. وعني بالحديث وكتبه وروايته، وضبطه. وكان حسن الخط جيد الضبط، وكان له بصر باللغة والإعراب، ومعرفة بالغريب والشعر والأنساب وجمع من ذلك كله ما لم يجمعه أحد في وقته. ورحل الناس إليه وعولوا في الرواية عليه، وجلس لذلك بالمسجد الجامع بقرطبة وسمع منه أعلام قرطبة وكبارها وفقهاؤها وجلتها. وأخبرنا عنه غير واحد من شيوخنا ووصفوه بالجلالة والحفظ والنباهة، والتواضع والتصاون.
وذكره شيخنا أبو الحسن بن مغيث فقال: كان من أكمل من رأيت علما بالحديث ومعرفة بطرقه، وحفظاً لرجاله، عانا كتب اللغة، وأكثر من رواية الأشعار، وجمع من سعة الرواية ما لم يجمعه أحدٌ أدركناه. وصحح من الكتب ما لم يصححه غيره من الحفاظ. كتبه حجة بالغة، وجمع كتاباً في رجال الصحيحين سماه: بتقييد المهمل وتمييز المشكل، وهو كتابٌ حسنٌ مفيدٌ أخذه الناس عنه وسمعناه على القاضي أبي عبد الله بن الحاج عنه.
قرأت بخط أبي علي رحمه الله في كتابه: أنا حكم بن محمد قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن عبد الله بن رزيق، قال: سمعت أبا بكر محمد بن أحمد البغداذي الوراق، قال: سمعت ابن الأصم، يقول: سمعت أبي يقول إذا رأى أصحاب الحديث:
أهلا وسهلا بالذين أحبهم ... واودهم في الله ذي الالآء
أهلا بقوم صالحين ذوي تقى ... غر الوجوه وزين كل ملاء