وكان قد التزم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وكان يتولى ذلك بنفسه ولا تأخذه في الله لومة لائم. وألف في هذا المعنى ديوأنا وهو: كتاب الأمر والنهي.
وكان مهيبا مطاعا محبوبا من جميع الناس لم يختلف اثنان في فضله، وكان الناس يتبركون بلقائه. وكان مواظبا على الصلاة بالجامع، ولقد خرج إليه في بعض الليالي لصلاة العشاء حافيا في ليلة مطر. وكان يقرأ خلف الإمام فيما جهر فيه.
وذكر أنه كان يحصى ما كان يسوقه من كرمه ولو كان عنقودا واحدا لإحصاء الزكاة. وكان يتولى عمل عنب كرمه بنفسه. وسمع عن بعض أصحابه الذين يختلفون إليه أنه يروي ديوان كذا بسندٍ قريب. فقال له: أريد أن أسمعه منك. فأحضر الديوان وصار الشيخ بين يديه وسمعه منه. ذكر ذلك كله ابن مطاهر وقال: توفي: سنة أربع وعشرين وأربع مئة. وما رىء على جنازة بطليطلة ما رىء على جنازته من ازدحام الناس عليه وتبركهم به رحمه الله.
وقال أبو المطرف عبد الرحمن بن محمد بن البيروله: كان أبو محمد بن ذنين هذا شيخا فاضلا، ورعا صليبا في الدين، كثير الصدقة يبايع الناس إذا ابتاع أعطى دراهم طيبة لا دلسة فيها ولا زائفة، وإذا بايع اشترط مثل ذلك، وإذا خدع فيها وردت عليه صرها في خرقة ثم واسط بها القنطرة وألقاها في غدير الوادي ويقول: هي أفضل من الصدقة بمثلها لو أنها طيبة، لقطع الردى والغش من أيدي المسلمين.
كانت جل بضاعته قراءة كتب الزهد وروايتها وشيء من كتب الحديث، ولم يكن له بالمسائل كبير العلم.
عبد الله بن سعيد بن عبد الله الأموي، يعرف: بابن الشقاق. من أهل قرطبة وكبير المفتين بها، يكنى: أبا محمد.
روى عن أبي محمد عبد الله بن محمد بن قاسم القلعي، وعن أبي عمر أحمد بن عبد الملك الإشبيلي واختص به. وعن أبي محمد الأصيلي وغيرهم. قال ابن مهدي: