وشغل بالي. وكان الشيخ أبو الطيب بن غلبون المقرئ رحمه الله واقفٌ على معرفتي فبلغه ذلك عني فوجه في فأتيته فجعل يصبرني ويذكر لي ثواب الصبر على المصيبة والرزية، ثم قال لي: ارجع إلى ما هو أعود عليك وعلى الميت من أفعال البر والخير، مثل الصدقة وما شاكلها، وأمرني أن أقرأ عنه " قل هو الله أحدٌ " عشر مرات كل ليلة، ثم قال: أخبرنا في ذلك محدث كان بمصر رجل معروف بالخير والفضل فرأى في منامه كأنه في مقبرة مصر وكأن الناس قد نشروا من مقابرهم فكأنه قد مشي خلفهم ليسألهم عن الشيء الذي أوجب نهوضهم إلى الجهة التي توجهوا إليها، فوجد رجلا على حفرته قد تخلف عن جماعتهم، فسأله عن القوم إلى أين يريدون.؟ . فقال: إلى رحمة جاءتهم يقسمونها. فقال له: فهلا مضيت معهم، فقال: إني قد اقتنعت بما يأتيني من ولدي عن أن أقاسمهم فيما يأتيهم من المسلمين، فقلت له: وما الذي يأتيك من ولدك؟ فقال: يقرأ " قل هو الله أحد " كل يوم عشر مرات ويهدي إلي ثوابه. فذكر الشيخ ابن غلبون لي أنه منذ سمع هذه الحكاية أنه كان يقرأ عن والديه " قل هو الله أحد " في كل يوم عشر مرات عن كل واحد منهما، ولم يزل بهذه الحالة إلى أن مات أبو العباس الخياط فجعل يقرأ عنه كل ليلة " قل هو الله أحد " عشر مرات ويهدي إليه ثوابها. قال الشيخ ابن غلبون فمكثت على هذه النية مدة؛ ثم عرض لي فتور قطعني عن ذلك فرأيت أبا العباس في النوم فقال لي: يا أبا الطيب: لما قطعت عنا ذلك السكر الخالص الذي كنت توجه به إلينا منه، فانتبهت من منامي فقلت: الخالص. الخالص كلام الله عز وجل، وإنما كنت أوجه إليه ثواب " قل هو الله أحد ". فرجعت أقرأها عنه رحمه الله.
وذكره ابن حيان وقال: توفي بالمرية يوم الفطر سنة ست وعشرين وأربع مائة. وكان: من أهل العلم والرواية والعفاف والنفاذ في أمور التجارة والبصر بأنواعها رحمه الله.