سمع: من أبيه بعض ما عنده، وسمع بإشبيلية من أبي عبد الله محمد بن أحمد بن منظور القيسي، وصحب أبا عبد الله محمد بن فرج الفقيه وانتفع بصحبته وأخذ عنه بعض روايته، وكتب إليه أبو العباس العذري المحدث بإجازة ما رواه عن شيوخه، وشوور في الأحكام بقرطبة فصار صدرا في المفتين بها لسنه وتقدمه، وهو من بيته علم ونباهة، وفضلٍ وصيانةٍ، وكان ذاكرا للمسائل والنوازل، دربا بالفتوى، بصيرا بعقد الشروط وعللها، مقدما في معرفتها، أخذ الناس عنه واختلفت إليه وأخذت عنه بعض ما عنده، وأجاز لي بخطه غير مرة.
أخبرنا شيخنا أبو القاسم بقراءتي عليه غير مرة، وقرأته أيضا على أخيه الحاكم أبي الحسن، قالا: أنا أبونا القاضي محمد بن أحمد، عن أبيه أحمد وعمه أبي الحسن عبد الرحمن، قالا: أنا أبونا مخلد بن عبد الرحمن، عن أبيه عبد الرحمن بن أحمد بن بقي قال: أخبرني أسلم بن عبد العزيز، قال: أخبرني أبو عبد الرحمن بقي بن مخلد قال: لما وضعت مسندي جاءني عبيد الله بن يحيى وأخوه إسحاق فقالا لي: بلغنا أنك وضعت مسندا قدمت لأبي المصعب الزهري، وابن بكير وأخرت أبانا؟ فقال أبو عبد الرحمن: أما تقديمي لأبي المصعب فلقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: " قدموا قريشا ولا تقدموها " وأما تقديمي لابن بكير فلقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: " كبره كبره " يريد السن ومع أنه سمع الموطأ من مالك سبع عشرة مرة ولم يسمعه أبوكما إلا مرة واحدة. قال: فخرجا من عندي ولم يعودا إلي بعد ذلك وخرجا إلى حد العداوة.
وسألت شيخنا أبا القاسم عن مولده فقال: ولدت في شعبان سنة ستٍ وأربعين.
أحمد بن محمد بن عبد العزيز اللخمي: من أهل إشبيلية، يكنى: أبا جعفر. صحب أبا علي حسين بن محمد الغساني، واختص به وأخذ عنه معظم ما عنده، وكان أبو علي يصفه بالمعرفة والذكاء ورفع بذكره، وأخذ أيضا عن أبي الحجاج الأعلم الأديب وأبي مروان بن سراج، وأبي بكر المصحفي وغيرهم.