للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كان رجلا صالحا وإن كان أحد في عصره من الأبدال فيوشك أن يكون هو منهم.

وذكر وضاح بن محمد السرقسطي: أن أبا إسحاق هذا توفي بسرقسطة ودفن حذاء قبر أبي العاص السالمي.

إبراهيم بن حبيب بن يحيى بن أحمد بن حبيب الكلبي: من أهل قرطبة، يكنى: أبا بكر.

كان: من أهل الرواية وممن كتب عنه. حدث عنه ابن أبيض وذكر أنه كان صاحبه وقال: مولده آخر سنة سبع وأربعين وثلاث مائة.

إبراهيم بن محمد بن حسين بن شنظير الأموي: من أهل طليطلة، يكنى: أبا إسحاق صاحب أبي جعفر بن ميمون المتقدم الذكر. كانا معا كفرسي رهان في العناية الكاملة بالعلم والبحث على الرواية والتقييد لها والضبط لمشكلها.

سمعا معا بطليطلة على من أدركاه من علمائها، ورحلا معا إلى قرطبة فأخذا عن أهلها ومشيختها، وسمعا بسائر بلاد الأندلس، ثم رحلا إلى المشرق وسمعا بها على جماعة من محدثيها تقدم ذكر جميعهم في باب صاحبه أحمد بن محمد بن ميمون وكانا لا يفترقان. وكان السماع عليهما معا، وإجازتهما بخطيهما لمن سألهمها ذلك معا.

وكان أبو إسحاق هذا زاهدا فاضلا، ناسكا صواما قواما، ورعا كثير التلاوة للقرآن. وكان يغلب عليه علم الحديث والتمييز له، والمعرفة بطرقه والرواية والتقييد. شهر بالعلم والطلب والجمع والإكثار والبحث والاجتهاد والثقة. وكان سنيا منافرا لأهل البدع والأهواء لا يسلم على أحد منهم، كثير العمل. ما رؤى أزهد منه في الدنيا، ولا أوقر مجلسا منه كان لا يذكر فيه شيء من أمور الدنيا إلا العلم. وكان وقورا متهيبا في مجلسه لا يقدم أحد أن يتحدث فيه بين يديه ولا يضحك. وكان الناس في مجلسه سواء. وكانت له ولصاحبه أبي جعفر حلقة في المسجد الجامع يقرأ عليهما فيها كتب الزهد، والرقائق، والكرامات. ورحل الناس إليهما من الآفاق.

<<  <   >  >>