للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثُمَّ قَالَ: إنكم لو منعتم أصحاب هَذَا الرجل الطعام لتفرقوا عَنْهُ، وانفضوا، فذلك قوله: «هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لا تُنْفِقُوا عَلى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا (٧) ثُمَّ قَالَ عَبْد اللَّه بْن أَبِي: «لَئِنْ رَجَعْنا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ» وسمعها «١» زَيْد بْن أرقم، فأخبر بها النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ونزل القرآن: «وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ» (٨) ، ويجوز فِي القراءة: «لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ» «٢» كأنك قلت: ليخرجن العزيز منها ذليلًا، وقرأ بعضهم: لنُخْرِجَن الأعزَّ منها الأذل «٣» أي: لنخِرجن الأعزَّ فِي نفسه ذليلًا «٤» .

وقوله: فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ (١٠) .

يُقال: كيف جزم (وأكن) ، وهي مردودة عَلَى فعل منصوب؟

فالجواب فِي ذَلِكَ أن- الفاء- لو لم تكن فِي فأصدق كانت مجزومة، فلما رددت (وأكن) ، - ردّت عَلَى تأويل الفعل لو لم تكن فِيهِ الفاء، ومَن أثبت الواو ردَّه عَلَى الفعل الظاهر فنصبه، وهي فِي قراءة عَبْد اللَّه، «وأكونَ من الصالحين» «٥» .

وَقد يجوز «٦» نصبها فِي قراءتنا، وإن لم تكن فيها الواو لأن العربَ قَدْ تسقط الواو فِي بعض الهجاء، كما أسقطوا الألف من سليمن وأشباهه، ورأيت فى بعض مصاحف عبد الله: فقولا:

فقلا بغير واو.


(١) فى ح: وسمعنا، تحريف
(٢) فى البحر المحيط: قرىء مبنيا للمفعول، وبالياء. الأعز مرفوع به. الأذل نصبا على الحال. (البحر المحيط ٨/ ٢٧٤) .
(٣) هى قراءة الحسن وابن أبى عبلة، بنصب الأعز والأذل.
(٤) فالأعز مفعول والأذل حال. (البحر المحيط ٨/ ٢٧٤) .
(٥) وهى قراءة أبى عمرو وابن محيصن ومجاهد (تفسير القرطبي ١٨/ ١٣١) والحسن وابن جبير وأبى رجاء وابن أبى اسحق ومالك بن دينار والأعمش (البحر المحيط ٨/ ٢٧٥) .
(٦) سقط فى ح، ش.