للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفيها معنى آخر: تضيف المثل إلى (الَّذِينَ كفروا) ، وإضافته فِي المعنى إلى الوعظ كقولك مثل وعظ الذين كفروا وواعظهم كمثل الناعق كما تقول:

إذا لقيت فلانا فسلم عليه تسليم الأمير. وإنما تريد به: كما تسلم على الأمير.

وقال الشاعر:

فلست مُسَلِّمًا ما دمتُ حيًّا ... عَلَى زَيْدٍ بتَسليم الأمير

وكل صواب.

وقوله: صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ (١٧١) رفع وهو وجه الكلام لأنه مستأنف خبرٍ، يدلّ عليه قوله «فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ» كما تقول فِي الكلام: هُوَ أصم فلا يسمع، وهو أخرس فلا يتكلم. ولو نصب على الشتم مثل الحروف «١» فى أوّل سورة البقرة فِي قراءة عَبْد اللَّه «وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لا يُبْصِرُونَ صُما بُكْما عُمْيًا» لجاز.

وقوله: إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ ... (١٧٣)

نصب لوقوع «حَرَّمَ» عليها. وذلك أن قولك «إِنَّما» على وجهين:

أحدهما أن تجعل «إِنَّما» حرفا واحدا، ثُمَّ تعمل الأفعال التي تكون بعدها [فِي] «٢» الاسماء، فإن كانت رافعة رفعت، وإن كانت ناصبة نصبت فقلت: إنما دخلت دارك، وإنما أعجبتني دارك، وإنما مالي مالك. فهذا حرف واحد.


(١) يريد بالحروف الكلمات الثلاث: صما وبكما وعميا. وفى أ: «الحرف» .
(٢) زيادة يقتضيها السياق، خلت منها الأصول.