للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلّا زَفَفْت: تَقُولُ للرجل: جاءنا يَزِفّ. ولعلّ قراءة الأعمش من قول العرب: قد أطردْت الرجل أي، صيّرته طريدًا، وطَرَدْته إِذَا أنت قلت لَهُ: اذهب عنّا فيكون (يُزِفّون) أي جَاءوا عَلَى هَذِه الهيئة بمنزلة المزفوفة عَلَى هَذِه الحال فتدخل الألف كما تَقُولُ للرجل: هُوَ محمودٌ إِذَا أظهرت حمده، وهو مُحَمَّد إِذَا رأيت أمره إلى الحمد ولم تنشر حمده. قَالَ: وأنشدني المفضل:

تَمَّنى حُصَين أن يسود جِذَاعَه ... فأَمْسَى حُصَين قد أَذَلّ وَأَقَهَرا «١»

فقال: أَقْهَرَ أي صار إلى حَالِ القهر وإنما هُوَ قُهِرَ. وقرأ الناس بعدُ (يَزِفُّونَ) بفتح الياء وكسر الزَّاي وقد قرأ بعضُ القراء (يَزِفونَ) بالتخفيف كأنها من وَزَف يَزف وزعم الْكِسَائي أَنَّهُ لا يعرفها.

وقال الفراء: لا أعرفها أيضًا إلا أن تكون لَمْ تقع إلينا.

وقوله: هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ [١٠٠] ولم يقل: صالِحًا، فهذا بمنزلة قوله: ادْنُ فأصِب من الطعام، وهو كَثِير: يَجْتزأ بمن عَن المضمر كما قَالَ الله (وَكانُوا فِيهِ «٢» مِنَ الزَّاهِدِينَ) ولم يقل:

زاهدينَ من الزاهدين.

وقوله: بِغُلامٍ حَلِيمٍ [١٠١] يريد: فِي كِبَره «٣» .

[قوله] : فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ [١٠٢] يقول: أطاقَ أن يعينه على عمله وَسَعْيه. وَكَانَ إِسْمَاعِيل يومئذ ابن ثلاث عشرة (فَانْظُرْ ماذا تَرى) وتُقرأ (تُرَى) «٤» حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا الْفَرَّاءُ قَالَ حَدَّثَنِي هُشَيْم عَن مُغِيرَة عَن إِبْرَاهِيم أَنَّهُ قرأ (فَانْظُرْ ماذا تَرى) قَالَ الفراء:

وَحَدَّثَنِي حَفْص بن غِيَاث عَن الأعمش عَن عمارة بن عمير عَن الأسود أَنَّهُ قرأها (تَرَى) وأن يَحْيَى بن وثّاب قرأها (تُرِي) وقد رُفع (تُرِي) إلى عبد الله بن مسعود قَالَ الفراء، وحدثنى قيس عن


(١) ورد فى اللسان (قهر) منسوبا إلى المخبل السعدي يهجو الزيرقان وهو حصين وقومه المعروفين بالجذاع: ورواية الفراء: أذل وأقهر بالبناء للفاعل هى رواية الأصمعى، كما فى اللسان، ويرويان بالبناء للمفعول.
(٢) الآية ٢٠ سورة يوسف:
(٣) عبارة الطبري: «يعنى: بغلام ذى حلم إذا هو كبر، فأما فى طفولته فى المهد فلا يوصف بذلك.
(٤) هى قراءة حمزة والكسائي وخلف