للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقوله: وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا (١٥٥) وجاء التفسير: اختارَ منهم سبعين رجلا. وإِنَّما استجيز وقوع الفعل عليهم إذ طرحت (من) لأنه مأخوذ من قولك: هَؤُلاءِ خير القوم، وخير من القوم. فلما جازت الإضافة مكان (مِن) ولم يتغير المعنى استجازوا أن يقولوا: اخترتكم رجلا، واخترت منكم رجلا.

وقد قَالَ الشاعر «١» :

فقلت لَهُ اخترها قَلُوصا سَمِينة ... ونابًا علينا مثل نابك فِي الْحَيَا

فقام إليها حبتر بسلاحه ... فلله عينا حَبْتَرٍ أيّما فتى

وقال الراجز «٢» :

تحت الَّذِي اختار لَهُ الله الشجر

وقوله: أَتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ السُّفَهاءُ مِنَّا وَذَلِكَ أن الله تبارك وتعالى أرسلَ عَلَى الَّذِينَ معه- وهم سبعون- الرجفة، فاحترقوا، فظنّ موسى أنّهم أهلكوا باتِّخَاذ أصحابِهم العجل، فقال: أتهلكنا بِما فعلَ السفهاء منا، وإِنّما أهلكوا بمسألتهم موسى (أرنا الله جهرة) .


(١) هو الراعي النميرىّ. والشعر من قصيدة له يصف فيها أنه نزل به قوم ليلا فى سنة مجدبة وكانت إبله بعيدة عنه، فنحر ناقة من رواحلهم، وجاءت إبله فى الغدوة فأعطى رب الناقة ناقة مثلها، وزاده أخرى. والبيت الثاني فى الشعر قبل الأوّل إذ يذكر فيه أن حبترا نحر ناقة الضيف بعد أن أومأ إليه الراعي بذلك سرا لئلا يشعر صاحبها به. فأما البيت الأوّل فهو فى وصف ما حدث حين جاءت إبله فى صبح تلك الليلة. والقلوص: الفتية من الإبل. والناب: المسنة، والحيا: الشحم والسمن. وحبرّ ابن أخيه أو غلامه. وقوله: «ونابا» فى الحماسة وغيرها: «وناب» .
(٢) هو العجاج. والرجز من أرجوزته الطويلة فى مدح عمر بن عبيد الله بن معمر.