للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(يقتلون «١» ) بغير واو. فمعنى الواو أنَّهم يَمسُّهم العذابُ غير التذبيح كأنه قَالَ: يعذبونكم بغير الذبح وبالذبح. ومعنى طرح الواو كأنه تفسير لصفات العذاب. وإذا كَانَ الخبر من العذاب أو الثواب مُجْمَلًا فِي كلمة ثُمَّ فسرته فاجعله بغير الواو. وإذا كَانَ أوّله غير آخره فبالواو. فمن المجمل قول الله عَزَّ وَجَلَّ (وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ «٢» يَلْقَ أَثاماً) فالأثام فِيهِ نيّة العذاب قليله وكثيره. ثُمَّ فسَّره بغير الواو فقال (يُضاعَفْ «٣» لَهُ الْعَذابُ يَوْمَ الْقِيامَةِ) ولو كَانَ غير مُجمل لَمْ يكن ما لَيْسَ بِهِ تفسيرًا لَهُ، ألا ترى أنك تَقُولُ عندي دابتَّان بغلٌ وبِرْذَوْن ولا يَجوز عندي دابتَّان وبغل وبِرذَوْنٌ وأنت تريدُ تفسير الدَّابتين بالبغل والبِرذون، ففي هَذَا كفاية عَمَّا نترك من ذَلِكَ فقس عَلَيْهِ.

وقوله (وَفِي ذلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ) يقول: فِيما كَانَ يَصْنعُ بكم فرعونُ مِنْ أصْنَافِ الْعَذَابِ بلاء عظيم من الْبَليَّة. ويُقال: فى ذلكم نعم من ربّكم عظيمة إذ أنجاكم منها. والبَلاء قد يكون نعمًا، وعذابًا. ألا ترى أنك تَقُولُ: إن فلانًا لحسن البلاء عندك تريدُ الإنعام عليك.

وقوله: وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ [٧] معناهُ: أعلم ربّكم ورُبَّما قالت العرب فِي معنى أفعلت تفعَّلت فهذا من ذَلِكَ والله أعلم. ومثله: أوعدني وتوعَّدني وهو كَثِير.

وقوله فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْواهِهِمْ [٩] جاء فيها أقاويل. حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا الْفَرَّاءُ قَالَ:

حَدَّثَنِي حِبَّانُ عَنِ الْكَلْبِيِّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانُوا إِذَا جَاءَهُمُ الرَّسُولُ قَالُوا لَهُ:

اسْكُتْ وَأَشَارُوا بِأَصَابِعِهِمْ إِلَى أَفْوَاهِ أَنْفُسِهِمْ كَمَا تُسَكِّتُ أَنْتَ- قَالَ: وأشار لنا الفراء بأصبعه السبابة عَلَى فِيهِ- ردًّا عليهم وتكذيبًا. وقال بعضهم: كانوا يكذّبونهم ويردّونَ القول بأيديهم إلى أفواهِ الرسل وأشار لنا الفراء هكذا بظهر كفه إلى من يُخاطبه. قَالَ: وأرانا ابن عبد الله الإشارة فى الوجهين (وأرانا «٤» الشيخ ابن العباس بالإشارة بالوجهين) وقال بعضهم: فردّوا


(١) الآية ١٤١ سورة الأعراف.
(٢) الآية ٦٨ سورة الفرقان.
(٣) الآية ٦٩ سورة الفرقان.
(٤) سقط ما بين القوسين فى ا