للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هَذِهِ من صفاتهم فِي الدنيا، كأن فيها إضمار كَانَ: كانوا يوفون بالنذر.

وقوله عزَّ وجل: وَيَخافُونَ يَوْماً كانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً (٧) .

ممتد البلاء، والعرب تَقُولُ: استطار الصدع فِي القارورة وشبهها، واستطال.

وقوله عزَّ وجلَّ: عَبُوساً قَمْطَرِيراً (١٠) .

والقمطرير: الشديد، يُقال: يوم قمطرير، ويوم قماطر، أنشدني بعضهم:

بَنِي عمِّنا، هَلْ تذكُرونَ بَلاءنا ... علَيكُمْ إِذَا ما كَانَ يومٌ قُمَاطِرُ «١»

وقوله عز وجل: مُتَّكِئِينَ فِيها (١٣) .

منصوبة كالقطع. وإن شئت جعلته تابعًا للجنة، كأنك قلت: جزاؤهم جنة متكئين فيها.

وقوله عز وجل ذكره: وَدانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُها (١٤) .

يكون نصبًا عَلَى ذَلِكَ: جزاؤهم جنة متكئين فيها، ودانيةً ظلالها. وإن شئت جعلت: الدانية تابعة للمتكئين عَلَى سبيل القطع الَّذِي قَدْ يكون رفعا على [١١٨/ ب] الاستئناف. فيجوز مثل قوله:

«وَهذا بَعْلِي شَيْخاً» «٢» «وشيخٌ» ، وهي فِي قراءة أبي: «ودانٍ عليهم ظلالها» فهذا مستأنف فِي موضع رفع، وفي قراءة عبد الله: «ودانيا عليهم ظلالها» «٣» ، وتذكير الداني وتأنيثه كقوله:

«خاشعا أبصارهم» «٤» فى موضع، وفى موضع «خاشِعَةً أَبْصارُهُمْ» «٥» . وَقَدْ تكون الدانيةُ منصوبة عَلَى مثل قول العرب: عند فلان جاريةٌ جميلةٌ، وشابةً بعد طريةً، يعترضون بالمدح اعتراضًا، فلا ينوون بِهِ النسق عَلَى ما قبله، وكأنهم يضمرون مَعَ هَذِهِ الواو فعلا تكون بِهِ النصب فِي إحدى القراءتين: «وحورًا عينًا» «٦» . أنشدني بعضهم:

ويأوي إلى نسوة عاطلاتٍ ... وشُعثا مراضيعَ مثل السعاليِ «٧»


(١) (البيت فى تفسير الطبري: ٢٩/ ٢١١، والقرطبي: ١٩/ ١٣٣)
(٢) سورة هود، الآية ٧٢.
(٣) وهى أيضا قراءة الأعمش، وهو كقوله: خاشعا أبصارهم (البحر المحيط ٨/ ٣٩٦)
(٤) سورة القمر: ٧، و (خاشعا) قراءة أبى عمرو وحمزة والكسائي ومن وافقهم، والباقون يقرءونها (خشّعا) الإتحاف ٢٥٠.
(٥) سورة القلم، الآية: ٤٣.
(٦) فى قراءة أبى، وعبد الله أي: يزوجون حورا عينا (المحتسب، ٢/ ٣٠٩ والبحر المحيط ٨/ ٢٠٦)
(٧) البيت لأمية بن عائذ الهذلي، ويروى:
له نسوة عاطلات الصدو ... عوج مراضيع مثل السّعالى
ورواية اللسان: ويأوى إلى نسوة عطّل. والسعالى: جمع سعلاة، وهى: الغول أو سحرة الجن، تشبه بها المرأة لقبحها، ديوان الهذليين: ٢: ١٨٤.