للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لقوله (يُسَبِّحُ) كَانَ جائزًا «١» ، كأنه: قَالَ فِي بيوت أذن الله أن ترفع يسبج لَهُ فيها رجال.

وأمّا قوله (أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ) أي تبنى.

وأمّا قوله (وَإِقامِ «٢» الصَّلاةِ) فإن المصدر من ذوات الثلاثة إِذَا قلت: أفعلت كقيلك: أقمت وأجرت وأجبت يقال فيه كله: إقامة وإجارة وإجابة لا يسقط منه الْهَاء. وإنّما أدخلت لأن الحرف قد سقطت منه الْعَين، كَانَ ينبغي أن يُقال: أقمته إقوامًا وإجوابًا فلمّا سُكنت «٣» الواو وبعدها ألف الإفعال فسكنتا سقطت «٤» الأولى منهما. فجعلوا فِيهِ الْهَاء كأنها تكثير للحرف. ومثله مما أسقط منه بعضه فجعلت فِيهِ الْهَاء قولهم: وعدته عِدة ووجدت فِي المال جِدَةَ، وزِنَة ودِيَة وما أشبه ذَلِكَ، لِمَا أسقطت الواو من أوّله كُثر من آخره بالهاء. وإنما استجيزَ سقوط الْهَاء من قوله (وَإِقامِ الصَّلاةِ) لإضافتهم إيّاه، وقالوا: الخافض وما خَفَض بِمنزلة الحرف الواحد. فلذلك أسقطوها فِي الإضافة.

وقال الشاعر:

إن الخليطَ أجَدّوا البين فانجرَدُوا ... وأخلفُوكَ عِدَ الأمر الَّذِي وَعَدوا

يريدُ عِدَة الأمر فاستجازَ إسقاط الْهَاء حين أضافها.

وقوله: وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمالُهُمْ كَسَرابٍ بِقِيعَةٍ [٣٩] القيعة جِماع القاع واحدها قاع كما قالوا: جارٌ وجيرة. والقاعُ من الأرض: المنبسط الَّذِي لا نبت فِيهِ، وَفِيهِ يكون السراب. والسراب ما لصق بالأرض، والآل الَّذِي يكون ضحى كالماء بين السماء والأرض.

وقوله (حَتَّى إِذا جاءَهُ) يعنى السّراب (لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً) وهو مثل للكافر كَانَ يحسب أَنَّهُ عَلَى شيء فلمّا قدم عَلَى ربه لَمْ يجد له عملا، بمنزلة السراب (وَوَجَدَ اللَّهَ) عند عمله يقول: قدم عَلَى الله فَوَفَّاهُ حسابه.


(١) ا: «صوابا» . [.....]
(٢) فى الآية ٣٧ سورة النور.
(٣) أي يعد نقل حركتها إلى ما قبلها
(٤) ش، ب: «فسقطت» .