للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ليس من نفس بَرّة ولا فاجرة إلّا وهي تلوم نفسها إن كانت عملت خيرًا قالت: هلا ازددت وإن كانت عملت سوءا «١» قالت: ليتني قصرت! ليتني لم أفعل!

وقوله عزَّ وجلَّ: بَلى قادِرِينَ عَلى أَنْ نُسَوِّيَ بَنانَهُ (٤) جاء فِي التفسير: بلى «٢» نقدر عَلَى أن نسوي بنانه، أي: أن نجعل «٣» أصابعه مصمّتة غير مفصلة كخف البعير، فَقَالَ «٤» : بلى قادرين عَلَى أن نعيد أصغر العظام كما كانت، وقوله: «قادِرِينَ» نصبت عَلَى الخروج من «نَجْمَعَ» ، كأنك قلت فِي الكلام: أتحسب أن لن نقوي عليك، بلى قادرين عَلَى أقوى منك. يريد: بلى نقوى قادرين، بلى نقوى مقتدرين عَلَى أكثر من ذا. ولو كانت رفعًا عَلَى الاستئناف، كأنه قَالَ: بلى نَحْنُ قادرون عَلَى أكثر من ذا- كَانَ صوابًا.

وقول النَّاس: بلى نقدر، فلما صرفت إلى قادرين نصبت- خطأٌ لأن الفعل لا ينصب بتحويله من يفعل إلى فاعل. ألا ترى أنك تَقُولُ: أتقوم إلينا فإن حولتها إلى فاعل قلت:

أقائم، وكان خطأ أن تَقُولُ: أقائمًا أنت إلينا؟ وَقَدْ كانوا يحتجون بقول الفرزدق:

عَلَى قسَمٍ لا أشتم الدهر مسلما ... ولا خارجًا مِن فيَّ زورُ كلام «٥»

فقالوا: إنَّما أراد: لا أشتم، ولا يخرج، فلما صرفها إلى خارج نصبها، وإنما نصب لأنه أراد:

عاهدتُ ربي لا شاتمًا أحدًا، ولا خارجًا من فِيّ زور كلام. وقوله: لا أشتم فى موضع نصب [١١٥/ ب] .

وقوله عز وجل: لِيَفْجُرَ أَمامَهُ (٥) .

[حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ «٦» ] قَالَ حَدَّثَنَا الْفَرَّاءُ قَالَ: وَحَدَّثَنِي قيس عَن أَبِي حَصين عَن سَعِيد بْن جُبَير «٧» فِي قوله: «بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسانُ لِيَفْجُرَ أَمامَهُ» قَالَ: يَقُولُ: سوف أتوب [سوف أتوب] «٨» . وقَالَ الكلبي: يكثر الذنوب، ويؤخر التوبة.


(١) فى ش: سواء، تحريف.
(٢) فى ح: بل، بدون: نقدر، وفى ش: بل، تحريف.
(٣) فى: ح أي نجعل.
(٤) فى ش: ويقال، تحريف.
(٥) انظر ديوان الفرزدق. والكتاب: ١: ١٧٣، وشرح شواهد الشافية: ٧٢
(٦) ما بين الحاصرتين زيادة فى ش.
(٧) هو سعيد بن جبير بن هشام الأسدى الوالبي مولاهم أبو محمد، ويقال: أبو عبد الله الكوفي التابعي الجليل والإمام الكبير. عرض على عبد الله بن عباس، عرض عليه أبو عمرو بن العلاء، والمنهال بن عمرو. قتله الحجاج بواسط شهيدا فى سنة خمس وتسعين (طبقات القراء ١/ ٣٠٥) .
(٨) سقط فى ح.