للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَيُقَال: كالقَصَر «١» كأصول النخل، ولست أشتهي ذَلِكَ لأنها مَعَ آيات مخففة، ومع أن «٢» الجَمَلَ إنما شبه بالقصر، ألا ترى قوله جل وعز: «كأنّه جمالات صُفْرٌ» ، والصّفر:

سود الإبل، لا ترى أسوَدَ من الإبل إلّا وهو مشرب بصفرة، فلذلك سمتِ العربُ سودَ الإبل:

صفرا، كما سَمُّوا الظبَّاء: أُدْمًا لما يعلوها من الظلمة فِي بياضها، وَقَدِ اختلف «٣» القراء فِي «جمالات» فقرأ عبد الله «٤» بن مسعود وأصحابه: «جِمالَتٌ» «٥» .

قال: [حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ «٦» ] حَدَّثَنَا الْفَرَّاءُ قَالَ: وَحَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن الْفَضْلِ عنْ عَطَاءٍ عنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَرْفَعُهُ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ (رَحِمَهُ اللَّهُ) أَنَّهُ قَرَأَ: «جِمَالاتٌ» وَهُوَ أَحَبُّ الْوَجْهَيْنِ إِلَيَّ لأَنَّ الْجِمَالَ أَكْثَرُ مِنَ الْجِمَالَةِ فِي كَلامِ الْعَرَبِ. وَهِيَ تَجَوُّزٌ، كَمَا يُقَالُ «٧» :

حَجَرٌ وَحِجَارَةٌ، وَذَكَرٌ وَذِكَارَةٌ إِلا أَنَّ الأَوَّلَ أَكْثَرَ، فَإِذَا قُلْتَ: جِمَالاتٌ، فَوَاحِدُهَا: جِمَالٌ، مِثْلَ مَا قَالُوا: رِجَالٌ وَرِجَالاتٌ، وَبُيُوتٌ وَبُيُوتَاتٌ، فَقَدْ «٨» يَجُوزُ أَنْ تَجْعَلَ وَاحِدَ الْجِمَالاتِ جِمَالَةً، [وَقَدْ حُكِيَ عَنْ بَعْضِ الْقُرَّاءِ: جُمَالاتٌ «٩» ] ، فَقَدْ تَكُونُ «١٠» مِنَ الشَّيْءِ الْمُجْمَلِ، وَقَدْ تَكُونُ جُمَالاتٌ جَمْعًا مِنْ جَمْعِ الْجِمَالِ. كَمَا قَالُوا: الرَّخِلُ وَالرُّخَالُ، وَالرِّخَالُ.

وقوله عزَّ وجلَّ: هَذَا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ (٣٥) .

اجتمعت القراء عَلَى رفع اليوم «١١» ، ولو نُصب لكان «١٢» جائزا على جهتين: إحداهما- أن


(١) رواها أبو حاتم: كالقصر: القاف والصاد مفتوحتان- عن ابن عباس وسعيد بن جبير (المحتسب ٢/ ٣٤٦) .
وفى البخاري عن ابن عباس: «تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ» قال: كنا نرفع الخشب بقصر ثلاثة أذرع أو أقل، فترفعه للشتاء فنسميه القصر. (تفسير الطبري: ٩/ ١٦٣) .
(٢) فى ش: ومن أن، تحريف.
(٣) فى ش: اختلفت.
(٤) فى ش: فقرأ ابن مسعود.
(٥) وقرأ حفص وحمزة والكسائي «جِمالَتٌ» ، وبقية السبعة «جمالات» (تفسير القرطبي: ١٩/ ١٦٥)
(٦) ما بين الحاصرتين، زيادة فى ش.
(٧) فى ش: تقول. [.....]
(٨) فى ش: وقد.
(٩) ما بين الحاصرتين فى هامش ب.
(١٠) فى ش: يكون.
(١١) روى يحيى بن سلطان عن أبى بكر عن عاصم: «هذا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ» بالنصب، ورويت عن ابن هرمز وغيره (تفسير القرطبي: ١٩/ ١٦٦) .
(١٢) فى ش: نصبت كان.