للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقوله: فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ (٥٧) يريد: إن أسَرتهم يا مُحَمَّد فنكل بهم من خلفهم ممن تخاف نفضه للعهد فَشَرِّدْ بِهِمْ.

لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ فلا ينقضونَ العهد. وربما قرئت (مَنْ خَلْفَهُمْ) بكسر (من) «١» ، وليس لَهَا معنى أستحبه مع التفسير.

وقوله: وَإِمَّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيانَةً (٥٨) يقول: نقض عهد فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ بالنقض عَلى سَواءٍ يقول: افعل كما يفعلونَ سواء. ويُقال فِي قوله: عَلى سَواءٍ: جهرا غير سرّ. وقوله: تَخافَنَّ فِي موضع جزم. ولا تكاد العرب تدخل النون الشديدة ولا الخفيفة فِي الجزاء حَتَّى يصلوها ب (ما) ، فإذا وصلوها آثروا التنوين. وَذَلِكَ أنهم وجدوا ل (إما) «٢» وهى جزاء شبيها ب (إما) من التخيير، فأحدثوا النون ليعلم بِهَا تفرقةُ بينهما ثُمَّ جعلوا أكثر جوابها بالفاء كذلك جاء التنزيل قَالَ: فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ، فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ «٣» ثم قال: فَإِلَيْنا يُرْجَعُونَ فاختيرت الفاء لانهم إِذَا نوَّنوا فِي (إِمّا) جعلوها صَدْرًا للكلام ولا يكادونَ يؤخرونها. لَيْسَ من كلامهم: اضربه إِمّا يقومَنّ إِنَّما كلامهم أن يقدّموها، فلمّا لزمت التقديم صارت كالخارج من الشرط، فاستحبوا الفاء فيها وآثروها، كما استحبوها فِي قولهم: أمّا أخوكَ فقاعد، حين ضارعتها.

وقوله: وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا إِنَّهُمْ لا يُعْجِزُونَ (٥٩) بالتاء لا اختلاف فيها. وقد قرأها حَمْزَةُ «٤» بالياء. وَنَرَى أَنَّهُ اعتبرها بقراءة عبد الله.

وهي فِي قراءة عبد الله وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كفروا أنَّهم سبقوا إنهم لا يعجزون


(١) نسب فى البحر ٣/ ٥٠٩ هذه القراءة إلى أبى حيوة وإلى الأعمش بخلاف عنه.
(٢) فى ا: «إما» .
(٣) آية ٧٧ سورة غافر. [.....]
(٤) وكذلك ابن عامر وحفص.