للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الهوان فِي مثل هَذَا المعنى من بني «١» إنسان قَالَ قَالَ «٢» لبعير لَهُ ما بِهِ بأس غير هوانه، يقول:

إنه هين خفيف الثمن. فإذا قالت العرب: أقبل فلان يَمْشِي على هَوْنه لَمْ يقولوه إلا بفتح الْهَاء، كقوله (يَمْشُونَ «٣» عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً) وهي السكينة والوقار. حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا الْفَرَّاءُ قَالَ حَدَّثَنِي شُرَيك عَن جابر عَن عِكْرمة ومجاهد في قوله (يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً) قالا: بالسكينة والوقار، وقوله:

(أَيُمْسِكُهُ عَلى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ) يقول: لا يدرى أيّهما يفعل: أيمسكه أم يدسه فِي التراب، يقول:

بدفنها أم يصبر عليها وعلى مكروهها وهى الموؤدة، وهو مثل ضربه الله تبارك وتعالى:

ثم فسر المثل في قوله: لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ [٦٠] ولو كَانَ (مَثَلُ السَّوْءِ) نصبًا لجازَ، فيكون فِي المعنى عَلَى قولك: ضَرَب للذين لا يؤمنون مثل السوء، كما كَانَ فِي قراءة أُبَيّ (وضربَ «٤» مَثَلًا كَلِمَةً خَبِيثَةً) وقراءة العوام هاهنا وَفِي إِبْرَاهِيم بالرفع لَمْ نسمع أحدًا نَصَب.

وقوله: وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ أَنَّ لَهُمُ الْحُسْنى [٦٢] أنّ فِي موضع نصب لأنه عبارة عَن الكذب. ولو قيل «٥» : (وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ) تجعل الكذب من صفة الألسنة واحدها كذُوبٌ وكُذُب، مثل رسولُ ورُسُل. ومثله قوله (وَلا تَقُولُوا «٦» لِما تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ) ، وبعضهم يخفض (الكذب) يجعله مخفوضًا باللام التي فِي قوله (لِمَا) لأنه عبارة عَن (ما) والنصب فِيهِ وجه الكلام، وبه قرأت العوام. ومعناهُ: ولا تقولوا لوصفها الكذب.

وقوله (وَأَنَّهُمْ مُفْرَطُونَ) يقول: مَنسيّون فِي النار. والعربُ تَقُولُ: أفرطت منهم ناسا أي


(١) كذا و (إنسان) على هذا أبو قبيلة ولم أقف عليه. وقد يكون «فى» أي فم.
(٢) كذا بتكرر (قال) وكأن (قال) الأولى فاعلها الفراء و (قال) الثانية فاعلها العربي. [.....]
(٣) الآية ٦٣ سورة الفرقان.
(٤) الآية فى قراءة الناس غير أبى: «ومثل كلمة خبيثة» فى الآية ٢٦.
(٥) جواب لو محذوف أي لجاز. وهى قراءة معاذ بن جبل وبعض أهل الشام كما فى البحر ٥/ ٥٠٦
(٦) الآية ١١٦ سورة النحل. وجاءت قراءة الكذب جمع الكذوب عن معاذ وابن أبى عبلة وبعض أهل الشام كما فى البحر ٥/ ٥٤٥