للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقوله: قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ ... (٤٠)

العرب لها فى (أرأيت) لغتان، ومعينان.

أحدهما أن يسأل الرجل الرجل: أرأيت زيدًا بعينك؟ فهذه مهموزة. فإذا أوقعتها عَلَى الرجُل منه قلت: أرأيتكَ عَلَى غير هَذِه الحال؟ تريدُ: هَلْ رأيتَ نفسك عَلَى غير هَذِه الحال. ثم «١» تثنّى وتجمع، فتقول للرجلين: أرايتما كما، وللقوم:

أَرَأَيْتموكم، وللنسوة: أَرَأَيْتُنَّكُنَّ «٢» ، وللمرأة: أَرَأَيْتِكِ، تخفض التاء والكاف، لا يَجوز إلا ذَلِكَ.

والمعنى الآخر أن تَقُولُ: أرأيتَكَ، وأنت تريد: أَخْبِرني (وتهمزها) «٣» وتنصب التاء منها وتترك الْهَمْز إن شئت، وهو أكثر كلام العرب، وتترك التاء موحّدة مفتوحة للواحد والواحدة [والجميع «٤» فِي] مؤنثه ومذكره. فتقول للمرأة: أرايتَكِ زيدًا هَلْ خرج، وللنسوة: أرايتَكُنَّ زيدًا ما فعل. وإنّما تركت العرب التاء واحدة لانهم لَمْ يريدوا أن يكون الفعل منها واقعًا عَلَى نفسها، فاكتَفْوا بذكرها فِي الكاف، ووجَّهوا التاء إلى المذكر والتوحيد إذ لَمْ يكن الفعل واقعًا. وموضع الكاف نصب وتأويله رفع كما أنك إِذَا قلت للرجل: دونك زيدًا وجدت الكاف فِي اللفظ خفضًا وَفِي المعنى رفعًا لانّها مأمورة.

والعرب إِذَا أوقعَتْ فِعْل شيء عَلَى نفسه قد كُنِّيَ فِيهِ عَن الاسم قالوا فِي الأفعال التامَّة غير ما يقولون فِي الناقصة. فيُقال للرجل: قتلتَ نفسك، وأحسنت إلى


(١) سقط هذا الحرف فى ش، وثبت فى ج.
(٢) رسم فى اللسان (رأى) : «أرأتن كن» وظاهر أن «أرأتن» تحريف عن «أرأيتن» .
(٣) فى عبارة اللسان: «فتهمزها» .
(٤) ثبت ما بين الجاصرين فى عبارة اللسان، وسقط فى ش، ج.